TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: درع الإمام والقادة المقدسين

العمود الثامن: درع الإمام والقادة المقدسين

نشر في: 29 مايو, 2021: 10:02 م

 علي حسين

ليست قصة من الخيال، ولم ترو في حكايات ألف ليلة وليلة، إنما هي واقعة حدثت بالفعل، بطلها أقوى وأهم رجل في دولة الخلافة الإسلامية، الإمام علي بن أبي طالب خليفة المسلمين، والطرف الثاني في الحكاية تاجر يهودي،

كان الإمام كعادته يسير في الأسواق من دون حمايات ولا طرق تغلق، فشاهد في يوم من الأيام تاجراً يهودياً يبيع درعاً حربياً، نظر الإمام علي إلى الدرع جيداً، تعرف عليه، هو درعه الذي فقد منه في إحدى المعارك، ولم يجده بعدها أبداً، قال لليهودي: هذا الدرع درعي. رد اليهودي: لا ليس لك، وإذا أردت أن تشتريه فاشتره. لم يأمر المسؤول الأول في الدولة أن تحتل حمايته السوق وتروع الناس، ولم يقرر اغتيال التاجر، أو خطفه وتعذيبه، ولم يصدر امرا بمصادرة اموال التاجر .. فقط كان رده الوحيد: الدرع درعي وأنا لا أكذب.. ومع هذا لم يقتنع التاجر بالجواب، فكان أن طلب من الإمام أن يحتكما إلى القضاء، وفي دار القضاء أمر القاضي شريح خليفته أن يقف إلى جانب خصمه وقال له: ما هي قضيتك ؟ . قال الامام : ان ذا الدرع سقط مني يوما . رد اليهودي: لا، هذا الدرع أنا اشتريته، وأريد أن أبيعه. قال القاضي: يا أمير المؤمنين، أعندك من يشهد لك. قال الامام : نعم، عندي ولدي الحسن . رد القاضي: لا نقبل شهادة الولد لأبيه، هل عندك شاهد آخر؟ قال: لا. قرر القاضي ان الدرع ملك للتاجر اليهودي . انتهت الحكاية وذهب القاضي اللى بيته آمنا ، فيما التاجر لم يصدق ان خصمه خليفة للمسلمين ، وان القاضي يحكم له وليس لصالح الخليفة .

تذكرت تلك القصة وأنا أقرأ وأشاهد ماذا فعل البعض من الساسة واصحاب القاذفات، لأن القضاء أمر باعتقال قائد في الحشد، وبدلاً من أن ينتظروا ما سيقرره القضاء، وهل الرجل متهم أم بريء، خرجوا ليعلنوا أنهم بصدد قطع انف رئيس الوزراء، وبانهم فوق الدولة التي يتقاضون منها رواتب وامتيازات ويتجولون بسياراتها. أعيد قصة إمام العدالة علي (ع) واتحسر لما وصل إليه حالنا، هل يعقل أن مسؤولين وساسة يتحدثون ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ، لكن يرفض ان ينفذ شيئاً مما يقولونه؟.

مشكلتنا اليوم أن الجميع يرتكب الجرائم باسم الدين والطائفة ، فيما الناس تريد من يوفر لها الأمن والاستقرار، ويطمئنها على مستقبل أبنائها.

حكاية درع الإمام تجعلنا نقف أمام أسئلة لا أحد يريد الإجابة عليها، ولا أحد يريد أن يعترف بأن قيمة المسؤول في احترامه للقانون.

أيها السادة ألم تقرأوا شيئاً عن درع الإمام ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram