عبدالله السكوتي اشتركت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى، فتردت احوالها الاقتصادية لثقل التكاليف العسكرية، فاضطرت لجمع العملة الذهبية المتداولة والتعويض عنها بعملة ورقية تسمى (نوط) ودون على هذا النوط ان حامله يعوض عنه بليرة ذهب بعد مرور سنة على انتهاء الحرب،
ولذا سقطت قيمة العملة الورقية سقوطا لم يسبق له مثيل، وهبطت القيمة الشرائية لها، وقد كانت احوال العراق الاقتصادية وقتذاك متردية جدا، فعم الغلاء انحاءه، وحدثت المجاعات، مادفع بعضا من الآباء الى تزويج بناتهم بأي ثمن للتخلص من اعالتهن؛ وكان من بين البنات اللاتي مستهن البلوى، فتاة زفت الى زوج لاتحبه ولم يقتصر الامر على عدم رضاها، بل ان اهلها زوجوها مقابل (نوط) واحد كصداق رغم تفاهة النوط وقلة قيمته الشرائية، فشعرت الفتاة بالاسى وبأنها سلعة فبثت شكواها وقالت:(انا المظيليمه انا انا المسيجينه اناانا الباعوني هلي بالنوط والوعده سنه)وهذه الفتاة قد زفت بالآجل وكان الموعد سنة اخرى لتسديد الصداق او المهر، وما اكثر النساء المظلومات في العراق، خصوصا وانه اي العراق قد عرف هذه العملة المشوهة وعلى فترات متعاقبة كان آخرها ماكان يطبعه النظام السابق ليجمع به الدولار من السوق، وكان من ضمن ماتبجح به احد اركان النظام السابق آنذاك من انه اتم بناء جسر ذي الطابقين ببندي ورق، من الطبيعي ان يدفع العراق ثمن السياسة الاقتصادية الخاطئة التي اتبعها النظام وماخلفه من تركة ثقيلة وديون لاتعد ولاتحصى ؛ المهم ان هذه الفتاة ستتسلم مهرها (النوط) بعد مرور سنة، وستكون قد اعتادت زوجها الذي لاتطيقه، وبقي علينا نحن والمطلوب منا ان نطيق مالانطيق، وهذه المرة بلانوط ولاوعده ولاهم يحزنون، فالحكومة والظاهر من امرها عصية على التشكل، وربما يكون الوضع الحالي قد اعجب البعض فآثروا الدعة بجنبه وتركوا الامور على ماتجري عليه، لقد آثرنا ان لانعوم بعكس التيار وكان املنا ان يخرج الشعب من محنته ولكنها محنة طال امدها ولذا من الممكن ان يستغلها من يريد لصالح اهداف ونوايا مبيتة ربما تصب في غير مصلحة المواطن، علما ان العراقي يعلم الى اين يسير، لانه وكما يقول المثل (اللي تعضه الحيّه بيده يخاف من جرت الحبل.)ولايزال الشعب العراقي يخشى من (جرت الحبل) لانه عانى ماعانى في السنوات الماضية، ولذا نرى المد والجزر في رفض وقبول بعض الشخصيات والكتل، العراقيون يمتلكون خزينا ضخما من الجور والتعسف، ولذا ترى الحذر المبالغ فيه قد حدد تصرفاتهم ودفعهم باتجاه واحد ظنا منهم ان هذا الاتجاه هو فقط الذي يمثلهم ولااحد غيره، ولكنهم بعد حين ارتطموا بحقيقة ان خسارة المعركة من اجل العراق لاتعني شيئا، وعليهم ان يقولوا اننا كسبنا المعركة من اجل العراق، وانا اعتقد ان معركة ولادة الديمقراطية في العراق لن تهدأ وعلى الشعب ان يكسبها فهي خياره الوحيد، لانه وعلى هذا الكم من التيارات والحركات السياسية صارت العودة الى الخلف الى زمن الديكتاتوريات مستحيلة ؛ ومع هذا فنحن لم نخرج بعد من دور هذه الفتاة المضطهدة والتي زينت عرسها كثرة المواعيد الفارغة والتي تحمل عملة مضروبة لاتساوي شيئا، المهم ان تتشكل الحكومة بشكل صحيح وألاّ تعود علينا الانتخابات بخلق اعداء جدد نتيجة التهميش او التجاهل، وربما الجلوس الى المفاوضات افضل الطرق في المرحلة الراهنة، ولنعلّ من شأن مبدأ التوافق عّله يكون عونا للديمقراطية.rn
هواء فـي شبك ..(انا الباعوني هلي بالنوط والوعده سنه)
نشر في: 24 مايو, 2010: 08:55 م