علي حسين
لا يزال البرلمان ومعه الحكومة والأجهزة الأمنية يتخذون موقف المتفرج من عمليات الخطف، ودراجات كاتم الصوت. ليس ثمة شيء عندهم سوى بيانات تصدر بين الحين والآخر تبشرنا بأن الدولة لن تسمح بالفوضى.
تلحّ الدولة بكل أجهزتها على أنها حامية للمواطن، وأنها لن تسمح لأي جهة غيرها بأن تمتلك السلاح، وأصبح شعار "السلاح بيد الدولة" مثل معزوفة موسيقية تعزفها الأجهزة الأمنية مع كل عملية خطف أو اغتيال.. أما البحث عن الجاني فهذه مسؤولية المواطن.. مضى ما يقارب العام على اختطاف المواطن "سجاد العراقي"، من دون أن تعلن الدولة موقفاً من عصابات الخطف ، والأكثر غرابة أنها لا تجرؤ على أن تقف بوجه الخاطفين برغم معرفتها هويتهم والمكان الذي يحتجزون فيه المخطوف . كنامن قبل قد شاهدنا قائد الشرطة السابق في الناصرية وهو يخبرنا بأن هناك مساع عشائرية تجري من قبل شيخ عشيرة الخاطف.. وضربنا كفا بكيف ، ولم نفهم كيف لدولة بها أكثر من مليون رجل أمن تعجز عن مواجهة خاطف .
إن المشهد يبدو مثيراً للأسى حين تستنجد أم عراقية، بأجهزة الدولة من أجل إعادة ولدها إلى حضنها، في مشهد يثير الحزن والغضب في نفس الوقت ظهرت أم الشاب سجاد العراقي تقول إنها تريد معرفة مصير ولدها حياً كان أم ميتاً. والسيدة لا تطلب شيئا خارج القانون، وليست طالبة سلطة ولا تزاحم ساستنا الأشاوس على الكعكة العراقية، ولا يهمها من سيصبح محافظاً، ومن سيلفلف أموال المحافظة، ما تريده فقط "الوصول إلى الحقيقة".
ربما يسخر مني البعض ويقول: يارجل عشرات عمليات الاغتيال والخطف تمت خلال السنوات الماضية، والنتيجة أن الدولة تضع الملفات في أحد الأدراج، مثلما وضعت من قبل ملفّات جسر الأئمة وتفجيرات بغداد الجديدة وجريمة سبايكر وملف قتل المتظاهرين، ولهذا علينا أن نعرف جيداً أن كل أعضاء اللجنة التي حققت في اختطاف سجاد العراقي ، ذهبوا مطمئنين إلى النوم العميق، بعد أن أوهموا العراقيين بأن الحكومة اقتصّت من المجرمين. لا شيء تغيّر، إلا مأساة أهالي الضحايا التي ازدادت هولاً وضخامة وفجيعة ، وكان آخرها صرخة " ام سجاد " .
وأكرّر ما قلته سابقاً إن المسألة هنا تتعلق بفضيحة كبيرة: هناك أطراف تعرف جيداً أن الدولة لا تملك سلطة معارضتها، ولكن هل يعقل ياسادة أن تُخطف امرأة جاءت لمساعدتنا؟.. أليس الأمر أشبه بعار سيظل يطارد هذه البلاد التي لا تحترم مواطنيها؟.
وأعيد طرح السؤال بصيغة أخرى: لديك دولة يلقى فيها العراقي صنوفاً من الاحترام والأمان، ولديك دولة لا تريد أن تقول: توقفوا عن هذه الجرائم !!