علاء المفرجي
- 2 -
مثلما أشرنا في القسم الاول من هذا المقال، بأن ظهور قطاعات انتاجية في مجال الانتاج الدرامي، زاحم بل اضعف الدراما المصرية، التي راحت تبحث عن البديل.. وقد وضد بشكل كبير ذلك من خلال اعمال مهمة قدمتها الدراما المصرية هذا الموسم.
فالدراما السورية حققت في السنوات الاخيرة نجاحات متميزة وشهرة فرضت على الفضائيات العربية ان تتعامل معها باهتمام، حيث استقطبت اهتما ونسب مشاهدة عالية عند بثها. فقد برزت الدراما السورية كقطب انتاجي واعد في سوريا التي يبلغ حجم انتاجها السنوي 350 ما يقارب ال 400 ساعة. وبروز كفاءات ومواهب في شتى اختصاصات الفن الدرامي ككتابة السيناريو والحوار والتمثيل والتصوير والاخراج.
وهذا الموسم لم تكن الصدارة بالمطلق للدراما السورية، فقد قدمت اعمال مكررة بموضوعاتها وطبيعة أسلوبها، لكن اعمال مثل (على صفيح ساخن) الذي ستكون لنا وقفة معه، (حارة القبة) استطاعت ان تتجاوز تقليدية نصوص بعض الاعمال الدرامية.
ولابد ان نشير الى النمط الذي كانت الدراما السورية لها قصب السبق فيه وهو ما اصطلح على تسميته الفنتازيا التاريخية، وصارت ظاهرة الفنتازيا التاريخية راسخة وفريدة حتى صار لها مريدون وخصوم الداء الواقع ان هذا المصطلح يعود الى عقبة التسعينات ولكن نمط ما يسمى فنتازيا ظهر في مرحلة مبكرة عبر ثلاثية الراحل عبد العزيز هلال سيرة بني هلال، فليست مسلسلات هاني السعدي، داوود شيخاني ورياض سلفو ورياض عصمت وحاتم علي وحدها فنتازية بل هناك قدر من الفنتازيا حتى في الاعمال التي تحرت ان تبدو تاريخية عند فؤاد شريحي، حسن م يوسف، ذياب عيد، واشد خصوم الفنتازيا التاريخية في الواقع يتابعونها بشغف مع الجمهور العريق وان سخروا منها او تعالوا فهي الورقة الرابحة في الانتاج الدرامي العربي بالرغم من الارقام الفلكية في ميزانيتها.
فإذا ارتكزت التجربة المصرية اساساً على نموذج انتاجي طغت عليه اهمية السيناريو والحوار على الاخراج وتأسست هذه التجربة على نجومية الممثل الذي عوض بأدائه وحضور قوة الصورة التي افرغها المنتجون من معناها فارضين تضييقات انتاجية على المخرج جعلت منه اداة لتحريك الممثلين في فضاءات مغلقة من الديكورات المتشابهة والباهتة والفاقدة لكل خصوصية ذات زوايا تصوير محدودة ومجال تحريك الكاميرات مفقودة الا من القليل الذي لا معنى له درامياً غير محاولة كسر الروتين بتحريك الكاميرة عامودياً من فوق الى تحت والعكس من خلال بعض متممات الديكور لذلك اجتهدت الدراما المصرية في الاعتناء بالقصة والممثل حيث فسح المجال لكتاب السيناريو لتناول كل المواضيع التي شاءوا الخوض فيها مهما بلغت حساسيتها على ان تراعي لوائح الممنوعات.
فأن قطاع الانتاج في سوريا في العقدين الاخيرين إعتمد على مخرجين أكفاء انطلقوا في التأسيس لنهضة انتاجية علامتها الساطعة رؤية اخراجية جديدة اعتمدت على جمالية الصورة وحسن اداء الممثل وحركية الكاميرا والاعتناء بالملابس والمكياج وكان هذا واضحاً في مسلسلات الجوارح والكواسر وتاج من شوك وغيرها والسبب في ذلك انها جاءت على يد مخرجين تلقوا تكويناً سينمائياً بالأساس كإسماعيل نجدت انزور وبسام الملا وباسل الخطيب وعلاء الدين كوكش وهيثم حقي الذي حاول المزج بين النمطين السينمائي والتلفزيوني للارتقاء بمستوى اعماله منذ الثمانينات ولا تقتصر التجربة السورية على المسلسلات ذات الصبغة التاريخية بل طورت مفهوم المسلسل الذي يصف الواقع وما عليه بمحاسنه ونقائضه بكل حرية وعفوية.
يتبع