اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ســيــــرة لــوحــة لا تـشـيــخ

ســيــــرة لــوحــة لا تـشـيــخ

نشر في: 25 مايو, 2010: 04:48 م

نجم واليالقصف الجوي المركز الذي نفذته الفرقة المقاتلة الألمانية "كوندور" في 26 أبريل 1937 على المدينة الإسبانية الصغيرة الواقعة في إقليم الباسك، غيرنيكا، لم يكن في حينه الأول من نوعه. وإذا كان قصف المدينة غير المعروفة حتى تلك اللحظة،
قد أثار المشاعر والإحتجاجات عن الرأي العالم في العالم، فإن الأمر له علاقة بتواجد صحفيين عالميين في اليوم الربيعي ذلك بالصدفة قريباً من المكان. الصحيفة المعروفة "إيفينيغ نيوس"، أخبار المساء، جعلت خبر قصف المدينة يتصدر صفحتها الأولى في اليوم التالي: "الهجوم الأكثر رعباً لكل الأزمان". حتى إندلاع الحرب الأهلية الإسبانية لم يعرف فن بابلو بيكاسو أية أبعاد سياسية. لكن ما حدث في جيرنيكا جعل فنه يتغير بين ليلة وضحاها، وما ساعد على ذلك، هو أن بيكاسو كان قد تسلم قبل الحادث، في  أوائل /كانون الثاني 1937 دعوة من الجمهورية الإسبانية بإنجاز عمل فني خاص للجناح الذي سيمثل الجمهورية الأسبانية في المعرض العالمي للفنون في باريس، والذي كان على أبواب الإفتتاح قريباً. حتى أبريل من ذلك العام لم يكن بيكاسو قد أنجز شيئاً للمناسبة، خصوصاً وأنه كان يعيش في تلك الفترة قصة حب مع "دورا مارس". لكن إنتشار خبر قصف جيرنيكا في باريس، أثار عنده الحماس، لأن يرسم لوحة لها علاقة بالحدث، لدرجة أنه لم يحتج أكثر من ستة أسابيع لكي ينجز اللوحة الكبيرة التي تجاوز حجمها 30 متراً مربعاً، والتي إختارها المؤرخ الفني جيجس فان هينزبيرغين لتكون موضوع كتابه "سيرة لوحة"، والذي صدرت ترجمته الألمانية قبل أيام.المؤرخ الفني المعروف في الأوساط الأكاديمية الأوروبية قدم كتابه بجملة لبيكاسو: "نحن الفنانين لا يمكن أن نجدب"، قال بيكاسو عام 1949، "حتى لو كنت في سجن، أو في معسكر إعتقال، فأنني سأتحكم في عالمي الفني، حتى إذا إضطررت إلى أن أرسم لوحاتي بلساني الرطب على أرض الزنزانة". رجل مثل بيكاسو لابد من أن يصدق المرء كلماته. الرسالة السياسية التي حوت عليها لوحته فهمها جيداً الصديق والعدو، فهي كانت بمثابة النذير، الرمز الذي أوصله بيكاسو للعالم، رغم أنها تتحول في كتاب جيجس فان هينزبيرغين إلى تعبير غير مناسبة "رديف لمجزرة لا أبالية!".في إسبانيا فرانكو غالباً ما لم يحصد بيكاسو عن لوحته غير التشويه والقذف. على عكس ما حصل عليه من تكريم وإعجاب في العالم الديموقراطي. في أوائل عام 1939 راحت "غيرنيكا" تطوف من مكان إلى آخر. بعد عرضها في باريس إنتقلت للعرض في بريطانيا، وعلى هامش المعرض الذي خُصص لها، جُمعت التبرعات لمساندة الجمهورية الإسبانية. الموسورون تبرعوا بسخاء، فيما تبرع الفقراء على طريقتهم. وكان يمكن رؤية أزواج عديدة من البساطيل إصطفت على الأرض أمام اللوحة، أنها البساطيل التي تبرع بها أولئك الذين لم يكن في قدرتهم التبرع بالمال. ومن لم يكن في مقدوره دفع تذكرة دخول للمتحف، إستطاع تعويض ذلك عن طريق التبرع بالبساطيل المستعملة، التي يمكن أن يلبسها الجنود على جبهات الحرب. لم يعد يكف عن مساعدة الجمهورية بالكلمات والإشارات المتعاطفة فقط. في النهاية رحلت "غيرنيكا" إلى الولايات المتحدة الأميركية. جيجس فان هينزبيرغين يصف محطة هذا المعرض الإستثنائي بكل تفاصيله، كما لو أنه نظم المعرض بنفسه.أكثر الصفحات متعة وإثارة للإهتمام، هي تلك الصفحات التي تتحدث عن الصعوبات التي واجهتها غيرنيكا أثناء تنقلاتها، لكي تتجنب أي ضرر. فلكي تحافظ على نفسها، كان من اللازم نزعها من الإطار الذي وُضعت فيه، قبل أن تنتقل إلى مكان جديد آخر. في سنوات الخمسينيات إستخدم المختصون بتصليح اللوحات الفنية من متحف نيويورك للفنون الحديثة طريقة يجعل إستخدامها اليوم شعر الرأس يقف، فعن طريق طلي الجهة الخلفية من اللوحة بشمع صمغي جعلوا درجة الحرارة ترتفع في كل اللوحة. في ذلك الوقت كانت حسب جيجس فان هينزبيرغين الطريقة المثلى لحماية لوحة.من المعروف أن بيكاسو كان قد أوصى وهو على قيد الحياة، بأن إنتقال غيرنيكا للعرض في اسبانيا هو رهن بتحول إسبانيا الملكية آنذاك إلى جمهورية. وهذا ما جعل اللوحة تظل لعقود طويلة في المنفى، في نيويورك أولاً، بعيداً عن وطن مبدعها. خلال الحقبة المكارثية المعروفة بظلاميتها في الولايات المتحدة الأميركية ناصب العالم "الحر" بيكاسو العداء أيضاً. في ذلك الحين أصبح الفنان المقيم في منفاه في باريس فجأة "مخرباً"، لدرجة أن الشرطة الفيدرالية الأميركية جمعت ملفاً ضخماً عن نشاطاته وحياته، بل لم تتردد في منحه لقب "عميل روسي"،، خصوصاً بعد رسمه حمامة السلام المشهورة، لأن الحمامة كانت بالنسبة لهم رمزاً شيوعياً روسياً لاغير رسمها بأمر من الروس! لم تعرف شرطة مكارثي اليمينية الحماقة التي ارتكبتها، فحسب جيجس فان هينزبيرغين، أن بيكاسو إتخذ في الحقيقة من موديل حمامة من مدينة ميلانو الإيطالية. خلال الحرب الفيتنامية راح العديد من رافضي الحرب الأميركية هناك يقارنون ما يحدث هناك من قصف وتدمير بغيرنيكا.ومن ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram