علي حسين
منذ سنين ونحن ننتظر في هذه البلاد الخبر الذي يقول لنا أصحابه إنّهم مهمومون بمتاعب الناس، وإنّ المناصب بالنسبة لهم، وسيلة لخدمة المجتمع لاغاية لخدمة العشيرة والحزب، وقد انشغلنا معهم عن هموم عشرات الآلاف من النازحين لنغرق في معركة تعريف الإصلاح، هل هو إصلاح تكنوقراطي؟،
أم إصلاح تفكيكي على طريقة المرحوم جاك دريدا؟، ولعلّ ما نسمعه من أخبار الاجتماعات والمناقشات والمداولات والخطابات يبعث على الأسى . يريدنا صانعو اخبار هذه البلاد، أن نعتاد على السذاجة، الآن يتحدثون عن الرفاهية ، ونحن ضربنا الرقم القياسي بعدد ساكني خيم المشرّدين، ونراهم يتصرفون بالدولة باعتبارها "دكاناً" للإيجار، وليست مؤسسات تخطط للمستقبل وتحرس جسم الوطن من الأوبئة والعلل. الجميع يتصرف باعتباره صاحب الصوت الأعلى! .
يا أصدقائي الأعزّاء، كنت أمنّي النفس بمسؤول من المؤمنين على شاكلة وزراء رئيسة وزراء فنلندا سانا مارين، التي لاتزال حتى ساعة كتابة هذا المقال تحاول الاعتذار، لأنها تجاوزت على ثروات الشعب وصرفت 850 يورو بينما المسموح لها هو 300 يورو، كخدمات ضيافة شهرياً.. تتذكرون المليون دولار شهرياً التي كان يتقاضاها نواب رئيس الجمهورية نوري المالكي وطارق الهاشمي وعادل عبد المهدي؟.. ولا أريدكم أن تتذكروا، طبعاً، مئات الملايين التي نهبت في مشاريع لم تر النور، والمثير أن أصحاب هذه المشاريع لايزالون يتحدثون في الإصلاح والنزاهة وضرورة محاسبة الفاسدين!
أيها القارئ العزيز، استمع إلى تصريحات العديد من ساستنا وستعرف لماذا أعود دوماً إلى عمنا المتنبي ، فكم بنا من المضحكات ولكنه ضحك أمرّ من البكاء، حين نجيّش الجيوش ونتظاهر من أجل نساء البحرين ومعاناة أهل اليمن، ثم نضع رؤوسنا في الرمال عندما يتعلق الأمر بنساء واطفال ايزيديين ، يعيشون من دون سقف بعد ان احترقت خيامهم ..، تخيل جنابك دولة نفطية مثل بلاد الرافدين لايزال عشرات الالاف من مواطنيها يفترشون الارض منذ سبعة اعوام في الوقت الذي تنشغل فيه كبرى صحف العالم بأخبار النساء الايزيديات ، من دون كلمة رثاء سياسية واحدة، ويؤسفني شديد الأسف، أن تتعاطف صحافة العالم مع كارثة ابناء هذا البلد، على أنها قضية إنسانية كبرى، فيما يعتقد همام حمودي أن العراقيين يعيشون أزهى سنواتهم!.
من منكم سمع أو قرأ في الأخبار أن مسؤولاً حكومياً انتفض وتأثر لحريق مخيم الأيزيديين؟ نتحدث عن شباب يعانون البطالة والإهمال، فيضحك منّا الساسة، ويقولون ما بالكم لا ترون الظلم الذي يتعرض له متظاهرو البحرين؟، نُصرّ على أن نرفع راية الدفاع عن أخوان تركيا ومصر وتونس، ولا نعترف بالكوارث التي يعيشها هذا الشعب.
يرفض مسؤولونا "الأفاضل" الكرام أن يراهم الناس في لحظة ضعف بشري.. فكيف يمكن لمن حصل على مقعد في البرلمان ، أن يجلس على الأرض يحيط به أطفال أيزيديون ومسيحيون؟