عبد الزهرة المنشداوي المختصون في دراسات اللغة يفرقون ما بين التعبير والوصف فالأول قد لا يحتاج للكلام لكي نفهم فيما يعنيه الآخر أما في الحالة الثانية فانك تضطر الى استخدام الكلمة لكي تصف شيئاً.
ان تقول انا كريم فانك تصف نفسك والوصف قابل على أن يكون حقيقيا او زائفا اما ان تسارع الى نجدة فقير فتساعده في حفنة مال فانك في هذه الحالة تعبر عن كرمك وهو فعل مجسد لا يطوله الزيف او البهتان.من كل هذا الاستطراد والإبحار في قواعد اللغة اردنا الوصول الى عادة وسلوك مستأصل في نفسية المواطن وليس له فكاك منه .كلنا يتفق على ان العراقيين فيهم من المزايا والخصال الكريمة والجيدة ما تستحق الإشادة بها ومنها خصلة الكرم التي ورثناها جيلاً بعد جيل .ما يهم في صباح اليوم الفائت اتخذت مكاني في سيارة الكيا المتجهة نحو قلب العاصمة بغداد، وتوافد ركابها واحدا بعد الآخر، تم التعارف بين اثنين من الركاب فراحوا بحديث ذكريات غطى فترة سنين طويلة حسب ما سمعت .عند اكتمال طاقم ركاب السيارة انطلقت تتموج ولكن ليس على سطح بحر بل على سطح شارع غير سوي ،وبطريقة الية مد الركاب أيديهم الى جيوبهم من اجل جمع الاجرة فيما بينهم (كانت عملية جمع الأجرة يعهد بها في الماضي الى مساعد السائق –السكن- لكن هذه الوظيفة وبفعل التطور تم الاستغناء عنها وشطبت من قواميس الكراجات باستثناء سيارات النقل العاملة بين المحافظات أبقت عليها) الراكبان اللذان أتينا على ذكرهما ،كانا يشاركاني المقعد وسط السيارة، تنازعا نزاعا مريرا للفوز بسبق من يدفع الأجر لزميله، تماسكا بالأيدي كل واحد يحاول منع الاخر من مد يده الى جيبه، وتطور النزاع وتصاعد شيئا فشيئا واحتدم عندما اخذ كل واحد منهما يقسم بأنه لن يدع الاخر يدفع الأجرة وقد علا صياحهما فيما بينهما كان نصيبي من هذا النزاع الناشب بين الخصمين ان نلت من ذراعيهما لطمات على الوجه (غير مقصودة بطبيعة الحال )لكنهما بدا يضغطا على جسدي نحو زجاج نافذة السيارة وكان موقفي موقفا لا احسد عليه وبدا لي ان الأمور لن تقف عند حد لاسيما وان كل واحد منهما أصر إصراراً لا رجعة فيه مدعما بأغلظ الايمان، عندها التفت نحوهما وطلبت ان يعمدا الى طريقة يمكن ان ترضي طرفي النزاع فيعمدا الى قرعة او تحكيم راكب من الركاب في هذه المعضلة التي يمكن ان تجر الركاب الى ما لا تحمد عقباه عندها انتبها الى انهما غاليا كثيرا في التعبير احدهما للآخر. الكرم والكريم خصلة طيبة في الإنسان ولكن في مكان وزمان وحالة معينة فباعتقادي يمكن ان أكون في غاية الكرم ان ساعدت احدهم بمبلغ مالي صغير ان كان بحاجة الى شراء علبة دواء ولا يملك ما يشتريه بها او تنازلت عن مقعد في السيارة لآخر في عجلة من امره ويريد الوصول بأسرع ما يمكن بينما لدي الوقت الكافي لان انتظر سيارة ثانية اما ان اكرم ممن لاحاجة له بالكرم فالامر مختلف.التعبير بالمال عن مشاعر صداقة وود ليس بالتعبير المصيب ولكننا ما زلنا نتمسك به ونخشى ان لم نبادر الى ذلك ان نحسب من الناكرين لتراث الأجداد.
شبابيك ..تـعـبـيـر!
نشر في: 25 مايو, 2010: 05:19 م