ما تواترَ من اخبار بشأن استعدادات منتخبنا الوطني للقاء الاردن اليوم وتصاعد همة اللاعبين البدلاء الذين وقع اختيار المدرب زيكو عليهم لتعويض الخسارة الكبيرة من نقاط المباريات الاربع في جولة الذهاب ، يؤكد ان الكرة العراقية قادرة على هضم دروس المحنة ولديها أبناء بمستوى الآمال لتغيير الواقع وإحياء فرصة ميتة استلهاماً من ماضيها الحافل بالإنجازات اللامعة التي تعسّرت ولادتها من رحم مريض!
وإذا ما تركنا مراجعة الإرهاصات التي خلـَّفها قرار زيكو بإبعاد الكبار عن موقعة اليوم حتى يحين موعد الحساب مع الجميع ، نرى ان الفرصة برغم ضآلتها ليست مستحيلة ، فالمنتخب الاردني طعّم صفوفه بأكثر من لاعب شاب ، ويشكو غياب بعض لاعبيه الأساسيين وفي مقدمتهم الحارس عامر شفيع ، وتبدو خيارات مدربه عدنان حمد مضطربة هي الأخرى بسبب حالة القلق التي تعمّ معسكره نتيجة الضغوط الإعلامية والجماهيرية الهائلتين لإنقاذ مصيرهم من السقوط بقاضية الخسارة.
وبدوره سيكون زيكو مسؤولاً مباشراً عن تمركز لاعبيه حسب أسلوبه الذي لا يميل الى الاحتفاظ بالكرة ، بل المبادرة بالهجوم لإبقاء المنتخب المنافس تحت سيطرة هجومنا المستمر وانهاكه وجرّه الى دقائق اليأس الاخيرة ، مثلما على لاعبينا ان يوزعوا جهودهم أثناء وقت المباراة ولا يعرّضوا أنفسهم للاجهاد المبكر الذي يستغله المنتخب الاردني لتسجيل هدف السبق، فمن يحسم أولاً لا خوف عليه في الوقت الاخير اذا ما أحسن غلق منطقته وتكتل في الوسط لإبطال المحاولات الاردنية السريعة وعدم السماح لهايل والبواب أن يطرقا مرمى صبري في أي حال من الأحوال.
ومع ان الدعم المالي يكمّل أوجه المساندة لمهمة الأسود في الدوحة ، لكنني لا أتفق مع منطق عضو الاتحاد يحيى زغير بقوله إن اتحاد الكرة يجدد التزامه بمنح كل لاعب مبلغ 8000 دولار في حال تحقيق الفوز على الاردن ، لأن أســد الرافدين أسمى من ان يتم إغراؤه بهذه الطريقة وكأنه لاعب مأجور يقدِّم العطاء بقدر ما يقبض ، كلا نرفض التحفيز بهذا الاسلوب الرخيص، اللاعب العراقي غارق حـــد أُذنيه بالتقصير تجاه سمعة اللعبة التي خلعت رداء المهابة والقوة وانزوت وراء كواليس تصفيات المجموعة وغدت هزواً بين المنتخبات العربية والقارية ، ولن يصبح مفعول الدولار أكثر تأثيراً على روحية اللاعب من غيرته على بلده وثأره له وقت الشدة مثلما نريده اليوم ابناً باراً في ملعب حمــد.
ادركوا أمركم .. لا مجال للتعويض بعد انتهاء الفرصة ، حقيقة لابد أن ترن في مسامع اللاعبين 90 دقيقة ، فالبقاء في التصفيات حتى الرمق الأخير أهون وأشرف من مواصلتها بخجل ومهانة كإسقاط فرض حتى نُنهي التزامنا في حزيران المقبل .
هكذا هي لعبة المصير في كرة القدم، لا تتوقع ان تمنح السعادة والأمل اذا حنث اللاعب بوعده ولم يفِ حق جمهوره عليه ، فهناك ثلاثين مليون عراقي صبور يأسر نفسه في بيته ترقباً لإيقاع أقدام الاُسود وهي تهز الشباك الاردنية وتبطل رهان النشامى على غياب المحترفين ، لنقطف النقطة الخامسة ونمضي باقتدار للتحديات الكبرى المقبلة.
أما انت يا زيكو .. فقد أخذت أكثر مما أعطيت، لسنا بحاجة ان ننظر الى خيال ماضيك يوم كنت احد اساطير الكرة في بلادك، نريد ان تترجم خيالك التدريبي الى سيناريو بطولي برفقة حسام كاظم وخلدون ابراهيم واحمد ياسين وحمادي احمد وبقية كتيبة الحارس الأمين نور صبري لتذهبوا بعيداً في رحلة المونديال، فلا تعيدهم خائبين وقد أنجبتهم أمهاتهم مرفوعي الرأس مثل أبوهم الكبير العراق.
جميع التعليقات 1
محمد
كلمات رائعة ومؤثرة سلمت يمينك ياابا محمد الغالي