TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لماذا يريدون اجتثاث بغداد؟

العمود الثامن: لماذا يريدون اجتثاث بغداد؟

نشر في: 7 يونيو, 2021: 09:58 م

 علي حسين

الحل الأسهل، في مأساة هذه البلاد التي سرق منها " الأخضر واليابس " ، هو إشغال الناس بمعارك جانبية، ففي الوقت الذي تعاني فيه العاصمة من غياب الخدمات، وانتشار العشوائيات، والبطالة التي ضربت أرقاماً قياسية، وارتفاع نسبة الفقر، وجدنا من يطالب بقطع رأس "أبو جعفر المنصور" ، لماذا ياسادة ؟ ،

لأنه يقف وراء كل ما حدث خلال السنوات الماضية.. للأسف نجد البعض يصرخ من أجل تغيير اسم بغداد، وإلغاء حي المنصور، لكنه يصمت حين تضع المنظمات الدولية مدينة بغداد في قائمة أسوأ المدن في التصنيف العالمي وتفتقر لأبسط شروط الحياة.

قبل أعوام قليلة أصدر المهندس المعماري موفق الطائي كتاباً بعنوان "بغداد جنة.. مع وقف التنفيذ" ، ولو لو كنت مثل المهندس الطائي وعرفت بغداد طفلا وشابا ، عرفت حدائقها الصغيرة ، والبيوت الهادئة ، وتنعمت بمشاهد شوارعها في الستينيات ، ومررت من أمام مقهى البرازيلية ،أو وقفت تتفرج على ما يعرضه حسو إخوان ، لو كنت مثله بالتاكيد سوف تعتبر أن بغداد أجمل مدن الارض .

في كتابه يوجه موفق الطائي نداءً صادقاً "حافظوا على بغداد" حيث يطلب منا أن لا ننسى وصية معلمه محمد مكية التي كتبها قبل وفاته بأيام "استمعوا إلى بغداد.. أصغوا إلى صوتها كثيراً.. ستكتشفونه في حركة الشجر والنخيل.. في دفق ماء النهر.. في الضحكات الصافية.. تأملوا لونها.. تجدونه في الطابوق.. في الخشب.. في زرقة الماء.. في سمرة الأهل".

اليوم ونحن نيد الاستماع الى صرخة موفق الطائي ، ننظر إلى بغداد وهي تنزلق، نحو عصور الظلام والعتمة!، المسؤول فيها لا يسمع سوى صوته .

على مدى العصور امتلأت ليالي بغداد فرحاً، ولم يكن يدور في خلد احد أن تتحول بغداد إلى مدينة أشباح. في كل دول العالم المتحضر يخلدون التاريخ بالجغرافيا، ويحتفون بالأماكن التي شهدت مسرات وأفراح شعوبها، وفي أكثر من عاصمة هناك مواقع تحولت إلى أماكن تاريخية وثقافية لارتباطها بمحطات مهمة في مسيرة بلدانها، وإذا كان لا يحق لأحد أن يصادر حق البعض في أن يروا أو يقرأوا التاريخ كما يشاؤون، فإن من حقنا أن نطالبهم بتقديم الدليل على أن بغداد ارتكبت جرائم في حق العراقيين، وأنها مشمولة بالاجتثاث.

للأسف لو كُنّا شعباً جاداً، لو كان لدينا برلمان فعلي، لو كان لدينا رأي عام مؤثر وفاعل، لو كانت لدينا أحزاب حقيقية، لو كان هناك من يحاسب الفاسد وسارق المال العام والمرتشي، لو كان لدينا كل ما سبق أو بعضاً منه، ما وقعت مأساة بغداد التي يسعى البعض إلى اجتثاث تاريخها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram