كوبنهاغن / رعد العراقيمضى عام على رحيل فارس الكرة العراقية عمو بابا ، رجل ابى الا ان تكون بين احضانه معشوقته وهو ينام نومته الابدية.. حصار وحروب وارهاب عاشها دون ان تثنيه عن ترك الوطن وكم هي بلدان كانت ترحب وتفتخر ان يكون ضيفا عندها.عمو بابا عاش وحيدا في بيته المتواضع لا حبيب ولا انيس ..
بيده يصنع الطعام برغم مرضه من دون ان يشتكي قط ، ويمسح الهموم باول نظرة يطوف بها على الصغار الموهوبين وهم يداعبون الكرة باقدام غضة وبرشاقة في بيته الثاني الذي اسسه كمدرسة تأخذ بالمواهب الى حيث اولى خطوات المجد الكروي.عجيب كان امر ذلك الفارس ..وغريب ما يحمله جسده الطاهر من جينات فريدة لا يملك غير بيت ولا يحتفظ في المصارف باموال ولم يترك عقارات او اراضي ولم يكن يحصل على رواتبه ولا عناية طبية ولا اهتمام ورعاية ولم يكن موعودا بمنصب وجاه !اذن ما سر تعلقه بوطن ضحى من اجله شبابه وعائلته وصحته ولم يجن منه غير الغربة والعزلة والجفاء ونكران الجميل من المحيطين به؟ من يستطيع ان يحصي فضائله عندما كان يدخل السعادة في نفوس الملايين ويرفع اسم الوطن في المحافل الخارجية وتحمل ما تحمل من هموم واوقات عصيبة ثم يوارى الثرى تحت انظار ودموع خادعة لم تترك فرصة للاستحواذ على غنائم ومكاسب للشهرة حتى لو كانت على حساب جسد مسجى ! انها روح الارتباط بالارض والوفاء لها التي لا يعرف سرها إلا من نزع عنه شيطان التملك وهوس الانا المجنونة وانساق بوعي نحو انين وعبق تراب ارض الوطن المقدسة التي اهدته انتماءا واسقته من ماء فراتها فتسربت الى شرايين دمه لتعقد معه حبا ابديا لا انفصال له. ابا سامي (رحمه الله) لم يكن عنوانا تتشرف به الرياضة العراقية ، بل هو اسطورة اجتماعية دخلت في قلب كل عائلة واكاد اجزم بان الشعب العراقي بكبيره وصغيره يكاد يختصر كرة القدم باسم عمو بابا كيف لا وهو لم يفارق الملاعب وعاصر أجيالاً وأجيال دون ان يمنح لنفسه فرصة الركون الى حيث استراحة المقاتل وكأنه يريد ان يقول سابقى على صهوة جوادي اجول في الملاعب لا يأخذني منها الا قدر الموت واضعا الاجيال القادمة في امتحان صعب في طموح نيل مكانته العالية بين ان يمضي في طريق رؤيته الفريدة او القبول في الهزيمة المبكرة. عام مضى على رحيله ولازال يمنحنا روائع في خطط تفكيره لبقاء حب شخصيته خالدة في الأذهان دون ان تزول فهو كان يضحي من اجل هدفين الاول ارض الوطن والثاني الجماهير ولم يبال او يخشى للعناوين الاخرى حتى تلك التي كانت تتودد اليه وتتقرب منه رياءا وتحاول ان تغريه بسخائها ليثبت اخيراً صدق نظرته حين لم يجد غير تراب الوطن يحتضنه ودموع وقلوب الجماهير تبكيه بكاء صادقاً وتتذكره.نقول رحمك الله ( ابا سامي) واسكنك فسيح جناته ، وعذرا ان كنا لا نملك غير اقلام تخط لك بوفاء وصدق مشاعرنا وامانة للتاريخ نكتبها انك ستبقى خالدا في ذاكرة محبيك رمزا كرويا أفاض بحبه انهارا فاينعت ورودا تفوح منها روائح العطاء والمجد الحقيقي حيث ترقد الآن بسلام .سلاما يا ( أمين الكرة العراقية) .. بها اوجز ما تستحقه من القاب غالية وعزيزة كما انت في قلوب الجميع.
تساؤل بالمباشر ..كيف بقي أمين الكرة العراقية خالداً على صهوة الوفاء ؟

نشر في: 26 مايو, 2010: 05:14 م