بغداد/ رامي الصالحي
كيف سيكون مستقبل العراق الاقتصادي؟ هذا السؤال بات يشغل الشارع العراقي منذ سنوات خصوصا بعد استمرار الحكومة بالاعتماد على نهج "الاقتراض" لسد العجز المالي لديها، عام بعد عام واغلبها بعد عام 2003، وسط تحذيرات من الانهيار والدخول في المجهول مع تزايد حجم الديون الخارجية والداخلية عليه.
مستقبل مظلم ينتظر العراق
هناك مشكلات اقتصادية كبيرة يعاني منها العراق منذ سنوات، نتيجة الهدر المستمر للأموال إضافة إلى استمرار تفشي الفساد، جميع هذه الخيارات ستنعكس سلباً على الاقتصاد، هذا ما يراه الخبير الاقتصادي علي الفريجي، في تصريح لـ (المدى).
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن "اقتصاد العراق يعاني من تشوهات تتزايد عاما بعد اخر، كون الحكومة لا تملك القدرة على إدارة هذا الملف"، مشيراً إلى أن "هذه المعطيات تسير بالحكومة والبرلمان نحو زيادة الفجوة بين إيرادات الدولة والموازنة الاستثمارية والتي هي بدورها وصلت إلى 32%".
وأشار الفريجي، إلى أن "هذا الرقم يعتبر مخيفاً مقارنة بالسنوات الماضية ودول الجوار، وحتى الدول التي تعاني من أزمات مالية"، مبيناً أن "العجز المالي في الموازنة مستمر في السنوات المقبلة نتيجة لارتفاع معدل الموازنة التشغيلية".
وبشأن القروض الخارجية، تحدث الخبير الاقتصادي، قائلاً إن "العراق سيواصل سياسة الاقتراض الخارجي، رغم ان هذه القروض تصنف عالمياً أنها سلبية على اعتبار هي تسد عجزا ماليا في الدولة ولا تستثمر بمشاريع تفيد الاقتصاد".
وحذر الفريجي، من استمرار "هذه السياسة التي تتبعها الحكومات، مما ينذر بدخول العراق مستقبلا اقتصاديا مظلما". وبحسب تصريح سابق، للمستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، فإن إجمالي ديون العراق الخارجية الواجبة الدفع يتراوح بين 23-25 مليار دولار، مشيراً إلى تخصيص 9 تريليونات دينار في موازنة 2021 ضمن خدمات الديون.
الكشف عن مقدار الديون
وفي نفس السياق، قال عبد الهادي موحان، عضو اللجنة المالية النيابية، إن "هناك ديوناً خارجية وداخلية، وديون اخرى في زمن النظام السابق وجميعها سيادية ملزمة بالحكومة العراقية خاصة الكويت"، مشيراً إلى أن "الديون بدأت بالازدياد منذ عام ٢٠١٤ بعد الازمة المالية والتي عانى منها العراق، بعد دخول تنظيم داعش".
وأشار موحان، خلال حديثه لـ (المدى)، إلى أن "اجمالي الديون تجاوز الـ ١٠٠ مليار دولار"، مبيناً أن "العراق يدفع بحسب الموازنة المالية للبلاد نحو ١٤ تريليون دينار سنوياً إلى الدول القارضة".
وأضاف أن "مجلس النواب يبحث إيقاف كل الديون الخارجية وعدم المضي بالاقتراض كون ان هذا الوضع يهلك الاقتصاد العراقي"، متوقعاً عدم لجوء "الحكومة إلى الاقتراض هذه الفترة، على اعتبار ان أسعار النفط العالمية بدأت بالتحسن وهي بارتفاع مستمر مما قد يقلص العجز المالي الموجود".
انهيار الاقتصاد العراقي
في المقابل، اعتبرت الخبيرة الاقتصادية سلامة سميسم، أن "استمرار نهج الحكومة صوب استمرار القروض ستتحمل نتائجه الأجيال المقبلة، وهي خطوة خاطئة وغير صحيحة".
وقالت سميسم، في حديث لـ (المدى)، إن "الحكومة العراقية توجهت صوب الاعتماد على الفروض لسد المصروفات الاستهلاكية، بدلاً من صرفها على المجال التنموي الذي هو بدوره يوفر الحلول المالية للبلاد".
وأضافت الخبيرة الاقتصادية، أن "العراق ملزم الان ولسنوات طوال على سداد هذه القروض سواء الخارجية او المحلية، والاستمرار بدفع الفوائد التي ترتفع عاما بعد آخر"، منوهة في ذات الوقت إلى أن "هذه القروض ستجبر الحكومة خلال السنوات المقبلة على تقليص النفقات وهي التي ستكون فعلياً النفقات التي تخص المواطن كـ (الرواتب، القروض، وغيرها)".
وبشأن الحلول التي ممكن ان تنهض بالاقتصاد العراقي الذي يعتمد على النفط فقط، أوضحت سميسم، "على الحكومة التوجه نحو خطة اقتصادية تتضمن تغيير السياسة النقدية بالدرجة الأساس، أي وهي تقليص رواتب الدرجات الخاصة، القضاء على مزدوجي الرواتب، القضاء على الفضائيين الموجودين في الدولة والذين يشكلون عبئا كبيرا على الاقتصاد".
وحول المخاوف من انهيار الاقتصاد مستقبلاً، أشارت الخبيرة الاقتصادية، إلى أن "خطوة الحكومة بخفض قيمة الدينار العراقي امام الدولار الأميركي دليل قاطع على ان الاقتصاد العراقي منهار فعلياً".
وقرر عدد من الدول المنضوية في نادي باريس عام 2004، (احدى الجهات التي تدين العراق) شطب 80 بالمئة من ديونها المستحقة على العراق منذ تسعينيات القرن الماضي، وخفضت تلك الديون من 38.9 مليار دولار إلى 7.8 مليارات دولار.
ويعاني العراق من أزمة مالية خانقة كانت تهدد رواتب موظفيه، حتى قررت السلطات في 20 كانون الأول الماضي، خفض قيمة الدينار مقابل الدولار إلى 1450 بدلاً من 1184، لاحتواء الأزمة، حسب تصريحات المسؤولين العراقيين.