TOP

جريدة المدى > سينما > ضربة البداية.. من الصعب جداً أن تكون السينما بهذه السهولة

ضربة البداية.. من الصعب جداً أن تكون السينما بهذه السهولة

نشر في: 26 مايو, 2010: 05:25 م

فراس الشاروطالحب: سمة البشرية التي نعيش ونموت من أجله، نعيش الحب من أجل حبيباتنا ونموت حبا من أجل البلاد، الحب بذرة الخير التي وضعها الرب في الإنسان كي نحارب بها أشواك الشر ،مثلما نحارب يوميا أحلامنا ومآسينا وأفراحنا من أجل أن نعيش لحظة سعادة بحب في عالم أفضل.رحلة حب (آسو وهيلين) الصامتة إلا من لغة العيون تنتهي قبل أن تبدأ بموت آسو ،
 فيما ستعيش هيلين على أنقاض الذكريات، هذا أن وجدت ذكريات في عالم بائس، فالحياة ليست مباراة كرة قدم، والموت حبا هنا يربط مصير الفرد بمصير البلد.بإمكانيات مادية صغيرة ورؤية فنية شديدة الرهافة مصورة بالأسود والأبيض يحقق المخرج العراقي شوكت أمين كوركي فيلمه الطويل الثاني (ضربة البداية) الذي استحق بجدارة الجائزة الأولى في مهرجان الخليج السينمائي الثالث.في ملعب كرة قدم مهجور بمدينة كركوك اتخذت منه أكثر من (100) عائلة مسكنا لهم في بيوت من الصفيح وجريد النخل وبقايا أقمشة ليصبح مأوى للاجئين الذين نزحوا من المدينة هربا من القذائف والموت المجاني ،ديكورا طبيعيا لإحداث فيلم كوركي الجميل هذا ،في لقطة عامة يدخلنا المخرج مع بطله إلى أجواء هذا الملعب/المدينة حيث يصل (آسو) الممثل (شوان عتوف) إلى بيته حاملا شقيقه الذي بترت ساقه بعد أن سقطت كرته عندما كان يلعب مع رفاقه في حقل للألغام، من هذا البيت ينطلق المخرج ليسرد وقائع الحياة اليومية البسيطة التي تعيشها عوائل الصفيح.يقوم آسو ليلا بجلب قطعة قماش بيضاء ويربطها على قوائم أهداف الملعب بدلا من الشبكة لتصبح شاشة سينمائية ويربط أجهزة الستلايت ليعرض فوق القماشة مباراة العراق والسعودية في نهائيات كأس آسيا يوم فاز العراق بالبطولة ليوحد أطراف الشعب التي لم تختلف يوما كما أختلف السياسيون، أولى المشاحنات تأتي مع هدف يونس محمود فالأكراد يرون أن الهدف ما كان ليكون لولا تحويلة هوار ملا محمد، والعرب يرون أن يونس هو بطل الإبطال وجالب الكأس، يحاول آسو في اليوم التالي تنظيم بطولة مصغرة للصبية من العرب والأكراد والتركمان والاثوريين الذين يعيشون في الملعب سعيا منه للترفيه عنهم وعن أخيه العاشق لكرة القدم وكي لا يشعر بأنه اقل شأناً من أقرانه من جهة ولجذب أعجاب جارته (هيلين) التي تستعير منه كتب الشعر من جهة أخرى، في يوم أقامة مهرجان الكره يذهب آسو على دراجته مع صديقه لشراء كأس صغير للبطولة يقدم للفريق الفائز من محلات كركوك وهناك بحادث إرهابي يذهب آسو ضحية للعنف الطائفي الذي حاول جمعه بلعبة كرة القدم وتوحيد الصفوف مثلما فعل يونس محمود وأصحابه، فيما يحبس أخوه في اللحظة عينها نفسه بالحمام محاولا قطع شريان يده بموس الحلاقة ليتخلص من واقعه المؤلم حيث انتهت طفولته بعالم العجزة.حول شوكت أمين كوركي الملعب إلى مجتمع مصغر فقد اتخذت هيلين من مدرجاته مدرسة لتعليم الأطفال أبجدية الكلام ولو بطريقة بدائية فيما تحوم فوق رأسها طائرات الهليكوبتر، هناك المطيرجي وبائع الانتيكات والملابس ألمستعملة ، وهناك مسعى الدولة الحثيث لإخراج هؤلاء المتجاوزين العرب والأكراد من الملعب.جسد آسو الممدد على بوابة الملعب وهيلين تخرج من وسط التراب المتطاير جراء عواصف القصف راكضة نحوه لتخبره بعودتها اليه والعيش في عالم الصفيح لم تجد ما تصارحه به سوى دموعها ،فالحياة رمادية قاتمة ولا يجد الأبيض مكانه الا للحظات.تمتع فيلم كوركي بغنى بصري ورؤية تشكيلية جميلة فالصورة تحوي  أكثر من بعد وأكثر من حركة فما يجري في مقدمة الكادر يختلف عما يجري في الخلفية، ولقطاته احتوت المكان وروحه فتحولت المدرجات إلى ديكور طبيعي وجزء لا يتجزأ من الفيلم مثلما شخصياته الحقيقية التي سخرها بنجاح لادوار البطولة، ومثلما تعامل أيضا باللونين الأسود والأبيض كمعامل لحالة أبطاله وحال المدينة القاتم، إلى جانب جماليات التكوين البصري وتوظيف المكان بحرفية كانت حركة الكاميرا هي الأخرى تتحرك كما الكرة لتدور على إيقاع الحياة المهددة بالترحيل أو الموت تحت طائل الحرب اللا مجدي التي يريدها الساسة وليس النساء البسيطات.عالج كوركي بحس فني شفاف وإنسانية مسألة التعايش في ظل الخلافات القائمة بين العرب والأكراد والتركمان ولكن من دون زعيق وشعارات مجانية فجة، هؤلاء لم يجمع شملهم ويوحدهم سوى ملعب مهجور هاربين جميعا من جحيم الوطن المستعر، هذه الفكرة هي نفسها التي عالجها كوركي في فيلمه الأول عبور الغبار حين تبنى رجلان كرديان طفلا عربيا صغيرا والأدهى أن اسمه صدام. وبشفافية أكبر عالج قصة الحب المستحيلة التي أجهضت بوادرها قبل أن تبدأ.سينما رقيقة عذبة سردت آلامها بتلك البساطة المتناهية تذكرنا كثيرا بالسينما الإيرانية التي تطرح همومها بذلك السهل الممتنع، فمن الصعب جدا أن تكون السينما بهذه السهولة.نال فيلم كوركي ضربة البداية الجائزة الأولى في مهرجان الخليج الثالث مثلما حصل على جائزة تقديرية في مهرجان (دبي) السينمائي وجائزة النقاد الدوليين في مهرجان دبي أيضا، وجائزتين في مهرجان بوسان في كوريا الجنوبية هما جائزة المسيرة الجديدة وجائزة الفيلم المختار من قبل اتحاد نقاد الفيلم الدولي، وحصل كذلك على جائزة الخنجر الفضي في مهرجان مسقط السينمائي.سبق لكوركي أن حاز فيلمه عبور الغبار على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

القضاء يحسم 853 طعناً على نتائج الانتخابات

الداخلية: العراق بنى منظومة متطورة لمكافحة المخدرات

التخطيط تتجه لتوسيع الرقابة النوعية لتشمل الصادرات والواردات عالية المخاطر

قبول 1832 طالباً في المنح المجانية لكليات المجموعة الطبية

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

محمود هدايت: في السينما الشاعرية لا توجد صور قطّ.. بل أزمنة

"الست" عن حياة أم كلثوم محور حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه

رحلة إلى عوالم البحر الأحمر السينمائي

مقالات ذات صلة

سينما

"الست" عن حياة أم كلثوم محور حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه

متابعة: المدى لم يلبث فريق عمل الفيلم المصري "الست" أنْ عرَض الإعلان الترويجي للفيلم الذي يجسّد حياة "كوكب الشرق"، أم كلثوم، التي تقوم بدور شخصيتها الفنانة المصرية منى زكي، حتى ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram