TOP

جريدة المدى > سينما > شاشة المدى: سينما الخيال العلمي والأسئلة الأخلاقية المعاصرة!

شاشة المدى: سينما الخيال العلمي والأسئلة الأخلاقية المعاصرة!

نشر في: 26 مايو, 2010: 05:28 م

يوسف أبو الفوزتخضع موضوعة الأختيار ببعدها الانساني لمنظومة الاخلاق، التي هي شكل من أشكال الوعي الإنساني، بابعاده الفلسفية والدينية ، فالموقف هنا ترسمه الظروف التي يمر بها الانسان المعني، وتجاربه التي تخلق قناعاته وبالتالي خياراته وفقا لمبادئه ونظرته الى الحياة ، وفي الكثير من الاعمال الادبية، التي عرفها القارئ في كل مكان، نجد ان منظومة الاخلاق، التي تضع معايير للسلوك الانساني، تحتل جانبا مهما في رسم ابعاد اختيارات وقرارات الانسان .
السينما بدورها ، وبحكم علاقتها المتينة بالادب ، كثيرا ما تناولت موضوعات اخلاقية بشكل درامي وعبر منظومة من حلول تغلفها بالموعظة الفلسفية والدينية ، وغالبا ما تضيف لها رتوش اثارة وتشويق من اجل كسب جمهور اكبر . افلام الخيال العلمي بدورها ، وجدت في موضوع الاخلاق فرصة مناسبة للاغتراف منها، وافلام الخيال العلمي، التي تعرف عادة بمصطلح "sci-fi " ، معروف انها تلجأ الى الاستفادة من المجال الخصب الذي تمنحه العلوم لمنح القصص فضاءات تناقض الحقائق الواقعية والتاريخية ما يضفي عليها طابعا تأمليا وحيويا اضافة الى التشويق والاثارة لجعل المشاهد ينشد الى هذا النوع من الافلام والقصص ، ولطالما تعّرف المشاهد المتابع الى افلام من نوع الخيال العلمي ، يجد ان حبكتها تتضمن موضوعات اخلاقية . ومنذ افلام السفر عبر الزمن ، المستندة الى رواية "آلة الزمن" الشهيرة للمؤلف الاشتراكي الانكليزي هيربرت جورج ويلز (1866 ـ 1946)، التي صدرت عام 1895 واخرجت للسينما لاول مرة عام 1960 ، وفيها يتم الحديث عن الصراع الطبقي واحتدامه والدعوة الى التقليل من الفوارق الطبقية ، مرورا بفيلم " أي . تي " الذي اخرجه عام 1982 ، المخرج الامريكي ستيفن سبيلبرغ ( مواليد 1946 ) ، وفي الفلم يكتشف الصبي "أيليوت" مخلوقا فضائيا صغيرا طيبا ، حطت مركبته على الارض بالخطأ فيقوم باخفائه عن اهل الارض الباحثين عنه ويسهل عودته سالما الى وطنه ، وصولا الى فلم "المتجسد" 2009 (بالإنجليزية: Avatar‏)  للمخرج الامريكي الكندي جيمس كاميرون (مواليد 1954) ، وحظي هذا الفيلم بشهرة واسعة ، أذ تخطى حدودا كبيرة ، وسجل لنفسه علامات لم ينلها فلم غيره ، من ناحية تكاليف الانتاج التي بلغت حوالي 300 مليون، والتي استعادها في الأسبوع الأول لعرضه ، ليحقق بذلك رقما قياسيا في مبيعات التذاكر، ونال عدة جوائز عالمية ، اضافة الى احتوائه على مؤثرات تشهدها السينما لاول مرة ، وجعلته يعتبر بداية مستقبل لصناعة الأفلام التي تعرض بطريقة الأبعاد الثلاثية ، هذا الفلم ايضا راحت حبكته تتناول موضوعات أخلاقية تعنى بمواقف الجنس البشري من البيئة والعلاقة مع الاخر ، حيث يختلط بطل الفلم ، الذي ارسل الى الفضاء ، بشعب " النافي" بغرض التجسس عليهم لصالح سكان الارض ، الذين يخططون لمهاجمتهم من اجل معدن ثمين ، لكنه في النهاية يرفض الأنصياع لخطط سكان الارض ويلتحق مع شعب المرأة التي احب ويصير واحدا منهم .ويمكن تعداد اسماء العديد من افلام الخيال العلمي التي يجدها المشاهد تتناول مفاهيم اخلاقية ومشاكل معاصرة ، وتحاول ان تعرضها للمشاهد  بشكل مشوق محيلة المشاهد الى اسئلة معاصرة يومية . سنتوقف في هذا المقال عند فلم "الصندوق" انتاج عام 2009 ، والذي عرض في بعض البلدان بأسم تجاري هو" الصندوق القاتل "، حيث نجد انه ينتمي الى سلسلة افلام الخيال العلمي ، التي تبني حبكتها على موضوعة اخلاقية ، هي : الاختيار ! مخرج فلم "الصندوق" ، هو الامريكي " ريتشارد كيلي "( مواليد 1975 ) ، الذي سبق له وان اخرج عام 2001 فلم دونّي داركو «Donnie Darko » الذي كتبه بنفسه ، وهو لا يقل غرابة في موضوعه عن فيلم "الصندوق " ، الذي كتب له السيناريو بنفسه ، لكن هذه المرة استنادا الى قصة قصيرة بعنوان " الزر ... الزر " لكاتب الخيال العلمي المعروف " ريتشارد ماثيسون"( مواليد 1926 ) ، الذي يعتبر من اساطين كتاب هذا النمط من الافلام ، وسبق وتحولت العديد من  قصصه إلى أفلام سينمائية نالت الشهرة والنجاح التجاري المطلوب ، مثل قصته "أحلام قد تتحقق" من إخراج "فينسنت وارد" وبطولة "روبن ويليامز"عام 1998، ورواية "أنا أسطورة" ، التي كتبها عام 1954 وانتجت للسينما عدة مرات ، آخرها كان عام 2007 ولعب بطولته الممثل والمطرب "ويل سميث" ، والطريف هنا أن قصة فيلم "الصندوق" سبق وان مثلت في ثمانينيات القرن الماضي كحلقة تلفزيونية ضمن المسلسل الامريكي  الناجح "منطقة الشفق" الذي عرض في السنوات 1959 ـ 1964 وساهم بكتابة حلقاته العديد من الكتاب ، لكن المخرج ريتشارد كيلي عاد اليها ، مغامرا بخبرته السابقة الناجحة ، التي وصفت بالقوة والالهام ، ليحاول ان يقدم فلما من الخيال العلمي ، مشوقا محاولا الاجابة فيه على اسئلة معاصرة . فماذا وجدنا؟  أذا تركنا جانبا كون الفيلم كان متواضعا في تكاليف انتاجه ، التي قدرت بحوالي 30 مليون دولار ، فأن الفيلم تميز بشكل عام بالبطيء في ايقاع احداثه الى حد الملل احيانا ، بل حتى موسيقاه ، كما اش

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram