د. صفد حسام الساموكيقوم أساس العملية الديمقراطية على المشاركة السياسية الواسعة، وعلى مبدأ التنافس المتسم بالشفافية، ومن هذا الباب أضحت فاعلية تلك المشاركة أحد المظاهر الرئيسة للديمقراطية، التي ترمي إلى تعزيز دور الجماهير في إطار النظام السياسي، وبضمان مساهمتهم أو تأثيرهم في عملية صنع السياسات العامة والقرارات السياسية.
ولأن النظام السياسي الديمقراطي هو من يُحدث مشاركة جماهيرية ديمقراطية واسعة، مباشرة وغير مباشرة، في مجالاته وقراراته جميعها، ينبغي على الأنظمة السياسية العربية أن تعمل باتجاه تطوير القواعد الفاعلة للنظم الديمقراطية، ومنها: السلوك السياسي والقواعد الخاصة بالمشاركة السياسية وطريقة اتخاذ القرارات، وعبر إصلاح سياسي ينتج نُظماً ديمقراطية تعددية. rnلكن.. ما هو الاصلاح السياسي؟.عرّفت الموسوعة السياسية الإصلاح السياسي بأنه: تعديل غير جذري في شكل الحكم، أو العلاقات الاجتماعية دون المساس بأساسها.... وهو خلافاً لمفهوم الثورة، إذ هو ليس سوى تحسين في النظام السياسي الاجتماعي القائم، دون مساس بأسس هذا النظام.... والإصلاح يشبه الدعائم الخشبية المقامة لمحاولة منع انهيار المباني المتداعية، ويستعمل للحيلولة دون الثورة، أو لتأخير وقوعها.. وقصد به كذلك: جميع الخطوات المباشرة وغير المباشرة، التي يقع عبء القيام بها على عاتق كل من الحكومات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام ومؤسسات القطاع الخاص وغيرها، للسير بالمجتمعات والدول في طريق بناء نظم ديمقراطية حقيقية.rnالاصلاح.. والسجال الفكريدخل مفهوم الإصلاح السياسي دائرة السجالات الفكرية، وأصبح المفردة الأكثر شيوعاً في الإعلام والخطابات الحكومية وبيانات قوى المعارضة، وظهرت موجات من التعاريف ونزعة بيانية في توظيفاته، في وقت انحسر فيه هذا المفهوم بمجالاته المتعددة (الإدارية والاقتصادية والتعليمية والسياسية... وغيرها) في نظر البعض في دائرة (الموضات الفكرية)، التي ترتبط بتداول اصطلاحي قد يستمر لوقت محدد من الزمن.إن تلك الاختلافات في الرؤى لا تلغي حاجة الواقع السياسي في العديد من الدول إلى الإصلاح، لاسيما مع تلك التي تحكمها أنظمة سياسية سلطوية، يكمن الخلل فيها بتجاوزها قانون التكيف، وعدم مقدرتها على التماشي مع متغيرات محيطها وعجزها عن تجاوز أزمته.. فتبدأ بالتعبير عن أنفسها بانتشار العنف، وشتى أنواع الفوضى والتطرف، وهو ما يشكل أحد دواعي الإصلاح ومبرراته.إن التداول الواسع لمصطلح الإصلاح السياسي الآن لا يعني إن الدعوة إليه كانت، بأي شكل من الأشكال، وليدة الوضع الراهن، اذ تشير الدراسات الى إذ هذه الدعوة كانت قد بدأت منذ قرون عديدة، دعا المفكرون والمثقفون من خلالها إلى إصلاح أحوال الرعية وإصلاح شؤون الحكم.وعلى الرغم من أن بدايات الطرح الحقيقي لمصطلح الإصلاح على المستوى السياسي في البلدان العربية يرجعها باحثون سياسيون إلى حقبة ما بين الحربين العالميتين، إلا أن الإصلاح السياسي دخل ضمن المصطلحات السياسية المتداولة على نطاق واسع، أثر جملة المتغيرات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي شهدها الشرق الأوسط بعد 2003م، وبعد أن مهدت له بشكل كبير وسائل الإعلام الغربية.. وكان هذا التمهيد وما أعقبه من طرح لمشروعات دولية مختلفة للإصلاح السياسي، قد أوجد إشكالية في مدى التداخل ما بين الديناميات الداخلية لعمليات الإصلاح السياسي، والمؤثرات الخارجية الدافعة للتغيير، وجعل من الصعوبة وضع آلية واحدة للإصلاح السياسي، تخضع لها المجتمعات جميعها، حيث تأخذ كل حالة طابعاً إيديولوجياً يرتبط بطبيعة كل مجتمع، وتركيبه اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً، إلا انه يمكنه القول: إن هناك ملامح عامة للمؤسسات والأدوار والأبنية والسلوكيات والتفاعلات والقيم، التي يمكن أن تنتج حالة ديمقراطية.rnمداخل قياس الاصلاحأعتمد الباحثون مداخل ونظريات عديدة في دراساتهم لموضوع الإصلاح السياسي، منها: نظرية النظم التي تعدّ النظم القطرية نظاماً فرعياً للنظام الدولي، يتأثر بالتحولات الحادثة فيه، وفي الوقت نفسه، تمثل النظم الفرعية داخل كل قطر ضغوطات، تتطلب ضرورة الاستجابة لها.. ونظرية الحداثة التي تعدّ الإصلاح السياسي متطلباً تابعاً لكل من الإصلاح الاقتصادي والإداري والاجتماعي.. ونظرية ما بعد الحداثة والتي تنقض نظرية الحداثة، وتعدّ إن قضايا الإصلاح السياسي تمثل مطلباً سابقاً على أوجه ومجالات الإصلاح الأخرى.. ومن المداخل التي تبناها بعض الباحثين أيضاً: مدخل حل الصراعات ونظرية السياسة المقارنة.وبشكل عام، فإن قياس أو تحديد عمليات الإصلاح السياسي وقضاياه، لاسيّما في البلدان العربية، يجب أن يأخذ في الحسابات إن إيقاع الإصلاح وسرعة التغيير، لا بد لهما من أن يختلفا من فئة إلى أخرى-في حال أن تم النظر إلى قوانين التغيير- حفاظاً على مصالحها السياسية، وهي ضمن مجموعة عوامل ينبغي لنا الأخذ بها في حالة صياغة أية إستراتيجية للإصلاح السياسي، وفي رصد أية مساعٍ أو جهود تتخذ على ارض الواقع في هذا النمط من الإصلاح.rnتسويق الاصلاح.. اعلامياًان ما سبق يشير الى ان ينبغي تحديد مفهوم الإصلاح السياسي، ورصد وقياس المضامين الإعلامية التي عالجت قضاياه، عبر وسائل الاتصال الجماهيري، تلزم الوقوف على
قياس جهود الإصلاح السياسي عربياً
نشر في: 26 مايو, 2010: 05:30 م