إياد الصالحي
أنتبهوا ..الرياضة العراقية في خطر، أقل ما يُمكن وصفه أزاء توجّه أعضاء مجلس النواب في جلسة بعد غد الثلاثاء، للتصويت على مقترح قانون الأندية الرياضية للجنة الشباب والرياضة بمواده التاسعة والعشرين، لما يحتويه من فقرات تهدّد الحركة الرياضية بانحراف 520 نادياً الى طريق غير آمن يُهلكها جميعاً في حالة تمريره وفقاً لصيغته الحالية!
فما أن حُدّد موعد التصويت على قانون الأندية حسب جدول أعمال مجلس النواب، حتى أنبرت شخصيات أكاديمية خبيرة معروفة تُعَد مؤسِّسة للمنظومة الرياضية العراقية الحديثة، نظراً لقِدم اشتغالها وتعدّد المناصب الأولمبية والاتحادية التي تولّت إدارتها، فضلاً عن احتكاكها المباشر مع واقع الأندية منذ سبعينيات القرن الماضي، أنبرت تلك الشخصيات بقلق كبير وحماسة لا مصلحة تبغي منها، الى تحذير النواب من تبعات التصويت على قانون الأندية وما يجرّه من مشكلات تؤدي الى زيادة تعقيد مشهد الصراع حول المواقع ودخول الرياضة في نفق يُجهل نهايته!
فما جاء في مسودة القانون الذي يترقب التصويت عليه يُلفت الانتباه الى مسألة غاية في الأهمية لابد من معالجتها قبل فوات الأوان، مثل العمل بقانون الشركات وما ينجم عنه من فوضى كبيرة في ظرف لا يتناسب مع امكانيات إدارات الأندية التي بالكاد يستطيع بعض رؤسائها قيادة لعبة أو لعبتين وسط التشكّي المستمر من شحّة المال وانعدامه، الأمر الذي يُزعزع كيانات الأندية غير المستقرّة أصلاً من عام 2003 حتى يومنا هذا نتيجة غياب الرقابة الحكومية عنها وتفرّد هيئات إدارية تشبّثت وتحكّمت بمقدراتها ولم تطوّر بناها التحتية ولم تؤمّن الموارد الخاصة بها.
الغريب، موقف وزير الشباب والرياضة عدنان درجال لا يُدلل على متابعة مؤسّسته لخطورة ما تواجهه الأندية تحت قبّة البرلمان، لا بيان يُحاكي محتوى القانون الملغوم، ولا تصريح يُعارض أو يؤيّد ما جاء في فقراته، في حين أن الوزارة تمثل خيمة الأندية وشريان حياتها في كل مفردات العمل بدءاً من اصدار الإجازة الى بناء الملاعب ومنح الأموال، ويعرف الوزير أنه لا يُعفى من المسؤولية في حالة دفع القانون للمصادقة والنفاذ بينما تتخلّله جنبة مالية كبيرة يفترض أن يتماهى بمذكرة مع وزير المالية توقف هذا الخرق وتحفظ لوزارته دورها بوضع يدها كجهة قطاعية لحماية أملاك الدولة في الرياضة.
وإذا كانت لجنة الشباب والرياضة البرلمانية معنية بتشريع القوانين الرياضية وحريصة على منح الأندية الاستقلالية التامة، فما سرّ إصرارها على درج فقرة التصويت على قانون الأندية ضمن جدول الأعمال، وتعلم حجم التخريب الذي سيطال قواعد الرياضة ومعقل المواهب ومراكز استقطاب الجماهير؟ ألا يفترض برئيس اللجنة عباس عليوي أن يأخذ بمقترحات تعديل وإلغاء وإضافة مواد مهمّة قدّمها مختصّون بشؤون الاقتصاد والمال والتخطيط الرياضي قبل أن يكتسب القانون قناعة الأغلبية؟
ما عانته الأندية طوال العقود المارّة من بؤس وعوز وفوضى وشُبهات فساد وتكاسل وهيئات إدارية تهدم أكثر مما تبني، سيحوّلها القانون الجديد الى أندية عوائل ومعارف تحتل الأرض والممتلكات بذريعة استثمار رجال الأعمال في سابقة لم يؤسَّس لها بشكل صحيح نتيجة عدم أهلية إدارات الأندية لصناعة الرياضة بقدر براعتها في إشاعة القلاقِل والتمرّد والتكتل في مواجهات انتخابية تشحنها نزعات شخصية أراد لها "نجوم كرة القدم" تحديداً أن تكون عُرفاً سائداً يُمهّد لهم إنشاء إمبراطوريات فارغة يدعمها إعلام ميّال للاصطفاف وجمهور عاطفي مهووس بفريق الكرة ولا تشغله تلك التفاصيل!
أهكذا تكافئون صبر أنديتنا على صياغة قانون جديد ينسجم مع النظام العام للدولة والمجتمع والقوانين عقب التغيير السياسي عام 2003؟ فمع إنجاز قانوني اللجنة الأولمبية الوطنية والاتحادات بالصيغة التي نالت ثقة أغلب المنضوين اليها، ترقبنا قانوناً منصفاً ومصلحاً لواقع الأندية يُعيد تصنيفها حسب سِعة الهيئة العامة في المحافظة والقضاء والناحية وعدد الألعاب التي تمارس فيها والميزانية الكافية لها، وإذا بالمُشرِّع يُسرِع لحضّ النواب على رفع الأيدي بعُجالة دون معالجة ثغرات القانون ووأد أزمات متوالية تضرّ بمستقبل الأندية وتُذكي شرارات معارك قضائية لا خاسر فيها سوى أبطال الرياضة وروّادها.