رعد العراقي
انتهت معركة الظفر ببطاقات العبور للدور الحاسم المؤهل الى نهايات كأسي العالم قطر 2022 وآسيا 2023 بين منتخبات القارة بوصول 12 منتخباً ذهبت إحداها لمنتخبنا الوطني عبر أفضل خمس ثواني بعد أن تخلّى بإرادته عن صدارة مجموعته في آخر جولة ليهديها لإيران برحابة صدر مدرّبه كاتانيتش ولاعبيه الذين كانوا في أدنى مستويات البرود والتوهان الفكري.
كاتانيتش لم يكذِب أو يتنصّل من وعده بحصر مهمّته بوصول الأسود الى عتبة نهائيات كأس العالم القادمة، فقد نجح بنصف المهمّة في أن يكون متواجداً في الدور الحاسم مع نخبة من كبار آسيا بغض النظر عن صدارة المجموعة من عدمها، لكنّه نوّه بمغادرة عرين الأسود ولوّح برمي منديل الاستقالة من دون المجاهرة بالأسباب مكتفياً ببعض الكلمات البسيطة، لكنها كانت عميقة المعنى والدلالة، وربما ستكون صادمة لو بادر حقاً بنشر كتاب عن رحلته مع الكرة العراقية التي وصفها بالمُضحكة والمُبكية!
مأزق آخر تمرّ به الكرة العراقية إن تحقّق الفِراق مع كاتانيتش نتيجة غياب الرؤية والتخطيط وتداخل المسؤوليات وانقياد الهيئة التطبيعية والجهات المسؤولة الأخرى نحو تأثيرات وضغوط بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي سواء في الإقرار باستمرار الملاك التدريبي السلوفيني أم إقالته بعد إخفاقات نهائيات كأس آسيا 2019 في أبو ظبي، وكأس الخليج 24 بالدوحة، غيّبت حسابات المنطق الفني ودراسة مدى التطوّر الحاصل في أداء المنتخب وقدرة كاتانيتش في الوصول فعلاً الى كأس العالم ومقارعة كبار آسيا من عدمه.
شتّان بين سرعة إجراءات الاتحاد الأردني في ترميم جدار الثقة والشرخ الذي أحدثه خروج منتخب النشامى من تصفيات كأس العالم حينما لجأ فوراً لإسناد مهمّة الإدارة الفنية للمدرب العراقي الكُفء عدنان حمد برغم أنه ليس له استحقاق مهم سوى مباراة فاصلة مع منتخب جنوب السودان للوصول الى نهائيات كأس العرب العاشرة للفترة من 1-18كانون الأول 2021، لكنّه يدرك جيّداً قيمة حمد وقدرته على انتشال اللاعبين الأردنيين من وضعهم النفسي السيّئ أولاً، ومن ثم توظيف قدراتهم وتحفيز طاقاتهم نحو إعادة هيبة الكرة الأردنية من جديد. بينما أمام منتخبنا 72 يوماً فقط للدخول في أشرس صراع كروي للظفر بإحدى البطاقات الأربع المخصّصة لآسيا في بطولة كأس العالم، وتحقيق حلم الملايين للتواجد في هذا المحفل الكروي العالمي للمرّة الثانية، ولازالت الأخبار عن مصير الملاك التدريبي تمرّ بموجات متلاطمة من التحليل والتطبيل والاستنتاجات، وبدأت الجيوش الألكترونية تروّج وتضغط باتجاه أسماء معينة، بينما الهيئة التطبيعية تلتزم الصمت وتمتنع عن تأكيد مغادرة كاتانيتش أو تحديد أي خيار آخر!
ألم يكن من الحِكمة أن تتحرّك الهيئة التطبيعية باتجاه وضع عدنان حمد قبل أن يخطفه النشامى كأحد الخيارات المحلية التي يُمكن أن تقود الأسود في المعترك الآسيوي تفادياً للإحراج لصعوبة التعاقد مع مدرب أجنبي على مستوى عالٍ لضيق الوقت وتزيح الصورة القاتمة والمقيتة التي يحاول البعض إلصاقها به منذ عام 2008 حتى الآن باتهامات باطلة برغم أنه كثيراً ما تحدّث وكشف الكثير من الملابسات والحقائق التي تنقّي موقفه، وتفضح نوايا من يحاول الإساءة له وتسقيطه، ومستبعداً في الوقت نفسه أية نيّة له بقيادة نادٍ أو منتخب وطني إلاّ بعد زوال الأسباب التي تهدّد وجوده داخل العراق.
نحن حين نطرح أسم عدنان حمد ليس ترويجاً له وهو الآن مع النشامى مُعزّزاً مُكرّماً، بل لأنه يمتلك من الخبرة والشجاعة والتاريخ كأحد أفضل المدربين الآسيويين وصاحب انجاز رابع في أولمبياد أثينا عام 2004 والذي سيبقى حدثاً استثنائياً مُسجّلاً له، وكان يمكن أن يكون خياراً ناجحاً، لكنّنا نبغي جعله نموذجاً مُشرِقاً للكفاءات المحلية التي يشهد لها الآخرون ويسعون للظفر بخدماتها من خارج البلد، بينما تواجه التسقيط والتجاهل من داخل البلد!
باختصار..لا نريد أن تطول رحلة البحث عن المدرب الجديد فنخسرُ عامل الوقت للإعداد الجيّد، ولا نريدُ أن تمرَّ الخيارات بمراحل المساوَمة وأطماع السماسِرة وتجّار الأزمات، كما إن الأسود لا تليق قيادتهم إلا ممّن هو أعلى كعباً وأكثر حِنكة من كاتانيتش، والأهم أن لا يُجيّر استقطاب المدرب الجديد "المجهول" لأغراض الدعاية والإعلان للأبطال المُنقذين!