TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > ايليا اهرنبورغ يكتب عن همنغواي الاسباني؟

ايليا اهرنبورغ يكتب عن همنغواي الاسباني؟

نشر في: 28 مايو, 2010: 04:20 م

مصطفى المندلاويكان هذا في اذار 1937 في مدريد. كنت نزيلاً فيما كان سابقاً يدعى فندق بالاس وتم تحويله الى مستشفى كان فيه صراخ المرضى ورائحة المعقمات تملأ المكان في البناية بلا تدفئة والطعام شحيح كما الحال في موسكو 1920
 وكنت دائم التفكير بشوق الى قطعة من الستيك قبل ان استسلم للنوم. وفي مساء يوم ما قررت الذهاب الى فندق غايلورد حيث يمكث مستشارونا العسكريون ومعهم كولتزورف على امل الحصول على بعض الدفء ووجبة طعام شهية. وفي غرفة كولتزورف تجمع بعض من اعرفهم وبعض الاغراب فقد كان الجو في الفندق يغري الكثيرين كما اغراني وفوجئت بوجود قطعة كبيرة من لحم الفخذ مع بعض زجاجات الشراب على المائدة، همس لي كولتزورف: (هيمنغواي هنا) واثارني الخبر لدرجة اني نسيت قطعة اللحم.rnلكل انسان مؤلفه المفضل ولكن لكي توضح لماذا تفضل هذا الكاتب على ذاك فانك ستلاقي صعوبة بنفس القدر الذي ستلاقيه لكي توضح لماذا تحب امرأة معينة دون اخرى. ومن بين كل من عاصرتهم احببت هيمنغواي اكثر من الاخرين.في سنة 1931 في اسبانيا اعطاني (تولر) كتاباً لمؤلف غير معروف لدينا حينئذ ((الشمس ستشرق ايضاً)) وقال لي (اعتقد انها عن اسبانيا ولربما ساعدتك على الفهم) واعقبتها بقراءة (وداعاً للسلاح) وساعدني همنغواي على الفهم- ليس فهم مصارعة الثيران بل الحياة.وهذا بالضبط ما جعلني متوتراً فور مشاهدة هذا الرجل الطويل، المزاجي الذي كان يجلس الى المائدة وهو يحتسي الويسكي وبدأت بأبداء مشاعري الفياضة تجاهه بطريقة خرقاء لاشك في انها عمقت حيرة الرجل تجاهي. فتحت الزجاجة الثانية من الويسكي. كان واضحاً انه هو من جلب المشروب بدليل انه شرب اكثر من الجميع وسألته ماذا يفعل في مدريد فأجابني انه يعمل مراسلاً لوكالة صحفية. كان يتكلم معي بالأسبانية فيما كنت اكلمه بالفرنسية وسألته هل تبرق المقالات ام الاخبار ايضاً؟ فوجئت بهمنغواي يقفز من مكانه وهو يلوح باحدى الزجاجات وهو يصرخ "كنت اعرف من البداية انك تحاول ان تستفزني" ان كلمة الأخبار بالفرنسية (نوفيلس، تعني بالأسبانية روايات (نوفيلاس). تدخل احدهم وامسك بالزجاجة وتم شرح سوء التفاهم اللغوي وانتهى الامر بضحك متواصل.واوضح هيمنغواي ما الذي جعله غاضباً (النقاد يتشكون من الاسلوب البرقي (التلغرافي) لرواياته واضفت من جانبي ضاحكاً (ويشكون من الجمل المخنوقة في رواياتي ايضاً) وبعد لحظة قال لي (من المؤسف انك لا تحب الويسكي، ان النبيذ هو للمتعة ولكن الويسكي وقود).كان الكثير من الناس يتساءلون باستغراب عما يفعله هيمنغواي حقيقة في اسبانيا، بالطبع هو يحب البلد وبالطبع ايضاً هو يكره الفاشية وحتى قبل الحرب الاسبانية عندما هاجم الايطاليون الحبشة استنكر الحملة علناً لكن لماذا يمكث في مدريد؟ في البداية عمل مع جوريس آيفنز في احد الافلام وبين وقت وآخر كان يبعث بعض المقالات الى امريكا. كان يسكن في فندق فلوريدا غير بعيد عن مركز الهاتف الذي كان تحت القصف المستمر للمدفعية الفاشية. كان المكان يعاني من تدمير شديد بفعل قذيفة من النوع الشديد الانفجار ضربته بشكل مباشر. ولم يعد أحد يسكن فيه بأستثناء هيمنغواي، كان يصنع القهوة على مصباح كحولي ويتغذى بالبرتقال ويشرب الويسكي منغمساً بشكل كلي في كتابة مسرحية عن الحب. في مدريد كان دائم الجوع لكن هذا لم يقلقه رغم انه يملك منزلاً في ولاية فلوريدا نفسها في الولايات المتحدة حيث كان بامكانه ان يعمل كل ما يروق له من صيد السمك وتناول الستيك وكتابة مسرحيته كان هناك عدة محاولات لاستدعائه للولايات المتحدة ولكنه وضع برقيات الدعوة جانباً بشكل غاضب قائلاً انني سعيد جداً حيثما انا، كانت الروائي في داخله منجذباً للخطورة وللموت وللأعمال البطولية وكان يردد بشكل صريح ((يجب الحاق الهزيمة بالفاشست)) كان من الناس الذين يرفضون الهزيمة والاستسلام وهذا الرفض يبعث فيه التجدد والبهجة.في فندق غايلورد قابل هيمنغواي رجالنا العسكريين واعجب بـ(حاجي) الرجل ذي الشجاعة الفائقة الذي كان غالباً ما يخترق خطوط العدو (مستفيداً من اصله القوقازي الذي كان يجعله شبيهاً بالاسبان). ان الكثير من ما اورده هيمنغواي في كتابه (لمن تدق الأجراس) عن اعمال حروب العصابات اعتمد فيه على ما سمعه من حاجي وافضل ما في الموضوع ان حاجي قد نجا رغم كل ذلك وقابلته بعد فترة واستمتعت برفقته.كنت مع هيمنغواي اثناء معركة (غوادالاغار). كان يفهم في الامور العسكرية مما جعله يفهم الوضع القتالي بسرعة. انني اتذكره وهو يراقب الرجال يحملون غنائمهم من القنابل اليدوية التي تركها الايطاليون خلفهم وكانت كبيرة لحجم وحمراء وكأنها حبات فراولة ضخمة وكان يعلق بابتسامة ((لقد تركوا الكثر منها خلفهم كما الحال مع رجالهم)).في الحرب العالمية الأولى حارب هيمنغواي متطوعاً في الجبهة الايطالية- النمساوية واصيب بجروح بالغة فيها ولأنه راى الحرب وويلاتها فقد اخذ يكرهها وكان سعيداً لان الجنود الايطاليين كانوا مستعدين للتخلي عن بنادقهم. ان فردريك هنري قال وداعاً للسلاح، انني سوف انسى الحرب لقد عقدت صلحاً منفرداً. ولكنه في غوادلاغار وفي جارما وفي المد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram