TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > الجواهري عاشقا لهمنغواي

الجواهري عاشقا لهمنغواي

نشر في: 28 مايو, 2010: 04:38 م

الجواهري المأسور بالبحر والنهر وخلدهما بقصائد خالدة «يا دجلة الخير..» و «سجى البحر» الأولى كتبها في براغ والثانية في أثينا وقصائد أخرى، وكان من أمنيات حياته أن تكون له شقة على البحر، والتي يستذكر فيها أيامه الخوالي،
 عندما كان بيته على نهر دجلة، ويتذكّر شط الكوفة في الفرات، يندهش، بل لا يصدق الأمر عندما يعرف أن همنغواي، وهو يعيش بكل هذه العيشة الأُبهة يفارق الحياة منتحراً، (تموز 1899- تموز 1961) أي أنه غادر الحياة في نفس الشهر الذي ولد فيه، ولعل تلك مفارقة أخرى ما بين الجواهري وهمنغواي، فقد ولد الجواهري في 27 تموز عام 1900 حسب أكثـر التقديرات رجاحة بشأن ولادته، وتوفي في اليوم نفسه من عام 1997، أي أنهما كليهما ولدا وتوفيا في شهر تموز. rnوإذا كان ثمة ما يجمع بين الجواهري وهمنغواي، فثمة ما يفرّق، وإذا كان كلاهما يعشقان النساء، إلا أن همنغواي كان ما إن يتعرّف على امرأة حتى لا تنقضي بضعة أيام على تعارفهما ليطلب الزواج منها! يقول هو عن نفسه: تلك هي طبيعتي مع النساء، لا أعرف من أين جاءت الىّ..؟ عندما أحبُّ أحب أن أتزوّج فوراً، فلا مكان لأوقات الغزل وساعات الانتظار، ومع أن الجواهري تزوّج مرتين، فبعد وفاة أم فرات في عام 1938، تزوج شقيقتها أم نجاح «أمّونة» التي رافقته حتى عام 1992، حيث توفيت في لندن، إلا أنه يقول عن نفسه إنه لم يعرف طعم الحب، أو يتذوق طعم المرأة الحقيقي وهو على مشارف الخمسين، وذلك يوم أحب أنيتا الكورسيكية من بنات السين في باريس عام 1949، ونظم فيها خمس قصائد، كما يقول في حواراته المنشورة في كتاب «الجواهري- جدل الشعر والحياة»، وفيما بعد علاقته مع بارنيا وماروشكا التشيكية.كان همنغواي يصطاد السمك ولكنه يحب تناوله في مطعم لاتراسا الشهير، حيث تنزل شرفته إلى البحر مباشرة في خليج صغير يرتبط بعمق البحر، في ضاحية على مشارف هافانا حيث الموقع الستراتيجي، وبالقرب من المطعم اليوم ينتصب تمثاله على الساحل، بمحاذاة البحر، ومثلما في حانته الشهيرة وفي مزرعته فقد كان همنغواي يطبع المكان بطابعه، فقد اتسمت حانة بودغيتا دل ميديو بالبساطة والشعبية، ورغم ذلك فقد أصبحت محجّاً يتسابق إلى زيارتها آلاف المشاهير ممن يزورون هافانا، حيث يبادر القائمون عليها بوضع صورهم وأسمائهم، على جدرانها المزدحمة بالأسماء والتواريخ لزيارات من كل أصقاع الدنيا، فقد كان «الشقي» همنغواي يعشق النساء والخمور والملذّات بجميع أنواعها، ويستهويه السفر بلا حدود، وهناك شيئاً من فوضاه الأثيرة.ورغم أنه عاش في الوقت الضائع كما يقال، فقد أصيب بـ237 جرحاً وأجريت له 12 عملية، ومكث في المستشفى في ميلانو نحو 6 أشهر، وقد حدث ذلك يوم كان في الجبهة الإيطالية عندما عمل مراسلاً حربياً في الحرب العالمية الأولى، الأمر الذي دفعه لاحقاً إلى التشبث بالحياة وخوض غمارها والاستمرار في مغامراته التي بدأها منذ صباه، فقد تشبث بالحياة بكل ما فيها من عنفوان، وهو ما ترك حيرةً واستفهاماً كبيرين حول موته.لقد وصف همنغواي الموت الذي تعرّض له في الحرب العالمية الأولى عندما قال: لقد متُّ في تلك اللحظة، أحسست روحي تخرج من جسدي. افهموا هذا الإحساس كما تريدون. شعرت بأن روحي تنسلّ من جسدي كما ينتزع منديل حريري من جيب سترة، لكن هذا الشعور تبدد فجأة وعاد الىّ شيء أنعش جسدي من جديد، وعرفت أنني لم أمت وقد استوحى همنغواي من هذه الحادثة فيما بعد قصته الشهيرة «وداعاً للسلاح»، وكان قد وصف الحرب باعتبارها أخطر قضية في حياة الإنسان وأصعب مشكلة للعقل البشري.. إنها الشيء الرهيب في حياة البشر، ولا نستطيع تناولها إلا إذا قدّرنا خطورتها في صدق وحرارة.كان أول ما نشره همنغواي وهو ينتقل من الصحافة التي أحبّها، لأنها تعنى بالواقع، إلى الرواية التي تعنى بالمتخيّل هو قصة: لا تزال الشمس تشرق عام 1926، وهي تصوير حزين للحياة القلقة المتشردة، لاسيما بعد الحرب العالمية الأولى، وبخاصة للأميركان في أوروبا، وبمجرد صدور الكتاب أصبح همنغواي مشهوراً، حيث هيمن على نفوس القراء، لاسيما من الشباب، شعور بأن ثمة من يُحسن التعبير عن مشاعرهم.التحق همنغواي بالجمهوريين في الحرب الأهلية الإسبانية، فترك كل شيء، وكان همّه الأساسي هو القضاء على الفاشية، وكما يقول، فإنه لم يكتفِ بالقتال، بل اشترى سيارة إسعاف وأهداها إلى الثوار. وكان حصيلة مغامرته الإسبانية «قصة موت بعد الظهر»!وقد التقى همنغواي في إسبانيا بالكاتب الفرنسي المعروف أندريه مالرو وارتبط معه بصداقة مديدة، وقررا الاشتراك في مشروع أدبي هو الكتابة عن الثورة واقتسما المراحل، حيث ألف مارلو كتاب الأمل في عام 1938 في حين أصدر همنغواي روايته الشهيرة «لمن تقرع الأجراس» عام 1940. وقد تحوّلت روايات وقصص همنغواي إلى أفلام مثيرة غزت الشاشة وتركت انطباعات إيجابية على قدرته في تصوير حياة الحرب وتفاصيلها وآلامها. وهو ما قدّر لي أن أشاهده في أواخر الخمسينيات وبدايات الستينيات.في عام 1946 تزوّج للمرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram