TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: الاذن الـمـطـلـقـة

موسيقى الاحد: الاذن الـمـطـلـقـة

نشر في: 26 يونيو, 2021: 09:41 م

ثائر صالح

2-3

تحدثنا في الحلقة السابقة عن الاذن المطلقة. نكمل الحديث اليوم بعرض العلاقة بين اللغة والموسيقى وتأثير ذلك على الاذن المطلقة،

فالموسيقى في خاتمة المطاف هي لغة من نمط خاص. تشير الأبحاث الى ارتباط اللغة والسمع المطلق بالجانب الأيسر من الدماغ، هذا يأخذنا إلى تأثيرات طبيعة اللغة الأم على القدرات الموسيقية للطفل. أبرز من بحث هذه الظاهرة العالمة الإنكليزية - الأمريكية ديانا دويتش (1938، جامعة كاليفورنيا - سان دييغو). أثبتت دويتش العلاقة بين نوع اللغة والاذن المطلقة عند مقارنة المتحدثين باللغة الإنكليزية والمتحدثين باللغات المتميزة باستعمال التلحين، مثل لغة الماندرين الصينية أو اللغة الفيتنامية حيث تبلغ نسبة من يتمتع بالسمع المطلق أعلى بكثير من أقرانهم الأمريكان. فقد أجرت دراسة على طلبة روتشستر إيستمان للموسيقى في نيويورك وطلبة الكونسرفاتوار المركزي في بكين، وتبين أن من يمتلك هذه القدرة بين من بدأ دراسة الموسيقى بعمر 3 - 4 سنوات في نيويورك كان 14‍% مقابل 60‍% من الصينيين. لكن عند مقارنة من بدأ دراسة الموسيقى في أعمار 6 – 7 سنوات كانت هذه النسبة 6‍% مقابل 55‍%. واستمر البحث بدراسة من بدأ تعلم الموسيقى متأخراً عن هذه الأعمار فوجدوا نسبة تقرب من الصفر مقابل 42‍% بين الصينيين.

ويقول المتخصصون في فيلولوجيا اللغات الشرقية بوجود أربعة أنماط من الانسيابية الصوتية أو التوكيد في لغة الماندرين واستعمالها المختلف يعطي معانٍ مختلفة عند استعمال نفس المقطع. وتزداد هذه الأنماط عند النزول صوب الجنوب، فيصبح العدد 8 أو 9 في اللغة الكانتونية، و9 – 10 في اللغة الفيتنامية. وأذكر أنني حاولت مرة أن أنطق كلمة مثلما كان ينطقها زميل فيتنامي، لكني توقفت عن المحاولة بعد دقائق لأنني عجزت عن قولها بشكل صحيح رغم تكراري نطقها بعده، إذ لم أتمكن من سماع الفارق في اللحن.

ارتباطاً بالحديث عن اللغة والموسيقى، نعرف أن موريس رافيل قد أصيب بمرض عصبي أثر على قدرته في التعبير اللغوي – الكتابي ولاحقاً الموسيقي، وهي الفترة التي ألف فيها عمله الغريب بوليرو، عندما فشل النصف الأيسر من الدماغ تحويل الأفكار الموسيقية المتولدة في النصف الأيمن إلى إشارات موسيقية، مثلما تعذر عليه كتابة أفكاره على الورق.

المثال المعاكس هو فقدان السمع، ففي حالة بيتهوفن ساعد السمع المطلق ونشاط الدماغ الموسيقي على استمراره بتأليف روائع الأعمال الموسيقية حتى بعد اقترابه من الصمم الكامل، رغم اننا لا نستطيع الجزم بامتلاك موتسارت أو بيتهوفن ملكة السمع المطلق بسبب حداثة العلم الذي يدرس هذه الظاهرة. إذ لم يبدأ الاهتمام بها إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأعطى التطور العلمي التقني في القرن العشرين دفعة لهذا البحث، خاصة مع ظهور تقنية الرنين المغناطيسي عند مراقبة نشاط الدماغ عند التعرض لمختلف المؤثرات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

حينَ تَشْتَبِكُ الأقاويلُ

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

ملعون دوستويفسكي.. رواية مغمورة في الواقع الأفغاني

مقالات ذات صلة

علم القصة - الذكاء السردي
عام

علم القصة - الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الثاني (الأخير)منطق الفلاسفةظهر الفلاسفة منذ أكثر من خمسة آلاف عام في كلّ أنحاء العالم. ظهروا في سومر الرافدينية، وخلال حكم السلالة الخامسة في مصر الفرعونية، وفي بلاد الهند إبان العصر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram