علي حسين
وأنا أقرأ خبر اجتماع برلماننا الموقر من أجل تعديل المادة (57) من قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959، رددت مع نفسي "إذا بليتم فاستتروا" . البرلمان الذي لم يكتمل نصابه منذ شهور، لأن أعضاءه "الكرام" لا يستطيعون تحمل صيف العراق، وجدناهم يسرعون إلى قبة البرلمان من أجل أن تبقى المرأة مجرد هامش في المجتمع..
تخيل جنابك أن برلمان يضم "83" نائبة لم تعترض سوى نائبة أو نائبتين على العبث بقانون الأحوال الشخصية ، بينما الـ"80" نائبة قررن الصمت، لأن السكوت من ذهب ومناصب وامتيازات ! ليس لدي موقف شخصي من نائباتنا، ولكنني أرى أنهن يجسدن ذلك التناقض المخيف في التعامل مع قضايا المرأة، فهن يتحدثن عن ضرورة أن تحصل النائبة على كافة الامتيازات مثل زميلها النائب، لكنهن بالمقابل يؤيدن مبدأ الرجال قوامون على النساء ، وهم أصحاب الحق القيادي في الأسرة.
في كل مرة أصدّع رؤوسكم بموضوعة تجارب الشعوب، وأضع المقارنات والمفارقات بين ما جرى في بلاد الرافدين التي كانت أول بلد عربي يضع سيدة على كرسي الوزارة، وأقصد نزيهة الدليمي، ويرفع من شأن النساء. في ذلك الحين كانت نزيهة الدليمي تؤكد في كل اجتماعات مجلس الوزراء، أن المساواة لا تعني فقط التعليم والحصول على فرص العمل، لكنها تغيير النظرة القاصرة التي ينظرها المجتمع إلى المرأة، باعتبارها ناقصة عقل ودين.. سيسخر مني البعض حتما ويقول يارجل: هل يعقل أن النائبات في البرلمان العراقي يعرفن سيدة عراقية اسمها "نزيهة الدليمي"، بل أن البعض منهن "يكفّرن" الدليمي لأنها ساهمت في تشريع قانون الأحوال الشخصية لعام 1959 .
وربما يقول البعض إن المرأة في العراق تحتل منذ سنوات ربع مقاعد البرلمان، لكن ياسادة للأسف تتشكل الحكومات وتنحل من دون أن ينتبه أحد إلى أن المرأة يجب أن تكون ممثلة فيها. والمؤسف أنه عندما أعطيت حقها البرلماني، طلب منها الساسة أن تظل مجرد رقم على الهامش، ويتم إذلالها وحرقها وإهانتها، ونقرأ في الأخبار أن أحزاباً وتكتلات سياسية عدة لاتزال تعارض قرار قانون العنف الأسري، وهذه الأحزاب نفسها تتباكى في الفضائيات على حقوق المرأة، لكنها في البرلمان تجد أن قانوناً يحمي المرأة من العنف يشكل خطراً على المجتمع مثلما أخبرنا ذات يوم رئيس كتلة الفضيلة النائب عمار طعمة. للأسف العشرات من نواب الأحزاب المتنفذة، مخلصون لتربية حزبية جعلت منهم تروساً في ماكنة قهر المرأة باسم الفضيلة والدين، فهؤلاء جميعاً يرون في المرأة "ضلعاً أعوج" يجب تقويمه، وهي ناقصة عقل ودين.
للاسف حقوق المرأة مهدورة ليس فقط في الشارع والجامعات ودوائر الدولة وإنما في البيت أيضا والهدف أن تظل المرأة مواطنة من الدرجة الثانية.