المدى / جبار بچاي
هدد فلاحو ومزارعو محافظة واسط بترك الزراعة نهائياً بسبب إجراءات الحكومة غير المنصفة ووعودها الكاذبة معهم، وطالبوا في تظاهرة أمام سايلو الكوت الكبير بصرف مستحقات تسويق محصولي الحنطة والشعير للموسم المنتهي بعد أن تمكنوا من تسويق 910 ألف طن من الحنطة لتتصدر واسط جميع المحافظات بكميات الانتاج وتستحق أن يطلق عليها "عاصمة العراق الزراعية".
واعتبر فلاحو المحافظة تأخر صرف مستحقاتهم المالية أمراً مقصوداً من بعض الأطراف السياسية والهدف منه دفع الفلاحين نحو العزوف عن الزراعة ليتحول وادي الرافدين الى صحارى قاحلة ويكون سوقا مفتوحة لدول الجوار بعد أن نجح المفسدون في تخريب القطاع الصناعي فيه إضافة الى القطاعات الاخرى فيما مازال قطاع الزراعة يواجه تلك التحديات. واحتفظت محافظة واسط بمركز الصدارة الاول في انتاج محصول الحنطة للموسم الحالي بين محافظات البلاد بعد ان سوقت ٩١٠ آلاف طن منها ٧٧٠ الف طن تم تسويقها الى سايلوات وزارة التجارة و٤٠ الف طن الى شركات البذور التابعة لوزارة الزراعة بالإضافة الى ما يقارب ١٠٠ الف طن مدورة للاستهلاك المحلي كبذور أو لأغراض الطحن من قبل الفلاحين أنفسهم.
ووفق معطيات الانتاج هذه إضافة الى معطيات الانتاج الحيواني بجميع صنوفه طالبت حكومة واسط المحلية رئيس مجلس الوزراء بإطلاق تسمية ( واسط عاصمة العراق الزراعية ) على المحافظة تثميناً وتعضيداً للجهود المخلصة التي تكللت في زيادة الانتاج بشقيه النباتي والحيواني وتحسين نوعيته. ويقول الفلاح عزيز عبد الهادي، من أهالي ناحية الدجيلة في واسط إن "الهدف من هذه التظاهرة ايصال رسالة واضحة وصريحة الى الحكومة والى رئيس الوزراء ووزيري المالية والتجارة بضرورة صرف مستحقات التسويق بأسرع وقت".
وأضاف "لقد أصبح واضحا لدينا أن عملية تأخير صرف مستحقاتنا قضية مقصودة الهدف منها خلق حالة من الملل بين الفلاحين ما يؤدي بالمحصلة النهائية الى عزوفهم عن الزراعة وهذا ما تسعى اليه بعض الاطراف السياسية وهي نفسها التي ساهمت بتدمير القطاع الصناعي وباقي القطاعات الاخرى ليبقى العراق سوقاً مفتوحة لدول الجوار".
مشيراً الى أن "فلاحي واسط سيكون لهم موقف آخر وتصعيد أخطر في حال لم يتم صرف مستحقاتهم المالية سريعاً بعد أن تكبدوا خسائر كبيرة وتعرضوا لمشاكل وتداعيات جراء الديون المترتبة عليهم كون أغلب فقرات الموسم الزراعي كانت تحصل بالآجل على أمل تسديد ديون الفلاح في موسم التسويق".
وقال زميله أحمد الشذر من ريف قضاء الأحرار، "يبدو أن الحكومة غير مهتمة بالقطاع الزراعي ولا تريد الوصول الى تحقيق الاكتفاء الذاتي من مختلف المحاصيل من خلال إصرارها على تأخر صرف مستحقات الفلاح وهذه الحالة تتكرر سنوياً دون أن يكون لها أي مبرر".
وتساءل "بعد أن انتهى موسم التسويق وقمنا بتسويق كامل الانتاج الى وزارة التجارة هل يعقل أن يتم التعامل مع الفلاح بهذه الطريقة في وقت لم يستلم بعض الفلاحين كامل مستحقاتنا المالية من الموسم الماضي".
وقال إن "واقع القطاع الزراعي في محافظة واسط التي تمثل عاصمة العراق الزراعية أصبح على المحك وباتت هذه العاصمة مهددة بالخطر الذي قد يحول أراضيها الى صحارى ومثل هذه الحالة يبدو أنها الشغل الشاغل لبعض الاطراف التي تتعمد الى إذلال الفلاح من خلال تأخير صرف مستحقاته المالية".
ودعا الشذر رئيس الوزراء الى أن "يكون جاداً في إطلاق جميع المستحقات المالية المتأخرة وبعكس ذلك ستصبح الثقة مفقودة تماما بين الفلاح والدولة ما يدفعه الى العزوف عن الزراعة أو التوجه نحو السوق المحلية لبيع منتجاته الزراعية". وتقدر المساحة الصالحة للزراعة في محافظة واسط بنحو 2556626 دونماً منها 47847 دونماً أراضي مستصلحة و151550 دونما أراضي شبه مستصلحة في حين تقدر مساحة الأراضي غير الصالحة للزراعة بـ2035489 دونماً، ويعد نهر دجلة المصدر الرئيس لسقي تلك المساحات حيث أنه يخترق المحافظة من الشمال الى الجنوب الشرقي وبطول 327 كم. من جانبه قال معاون محافظ واسط لشؤون الزراعة والموارد المائية سلام مزعل البطيخ إن "الحكومة المحلية وجميع المؤسسات المعنية بالقطاع الزراعي سواء كانت مؤسسات وزارة الزراعة أم التجارة أم الموارد المائية جميعها تقف مع الفلاح وتطالب بحقوقه المشروعة ومن ابسطها صرف مستحقاته كاملة دون أي تأخير".
وأضاف "حتى الآن نجهل أسباب تأخير صرف تلك المبالغ مع أنه تم تثبيتها في الموازنة وهي موجودة ولايحتاج الامر سوى الى اشعار من المالية الى التجارة لصرف حقوق الفلاح دون منة أو جعله يدور في دوامة المجهول ما قد يؤدي الى العزوف عن الزراعة في المواسم المقبلة".
ويؤكد البطيخ أن "التأخير في صرف مستحقات الفلاحين كما حصل في المواسم السابقة وتدويرها للموسم الجديد فيه الكثير من المشاكل الاقتصادية على واقع المحافظة عموماً وعلى المستوى المعيشي للمواطن الواسطي الذي يمتهن اكثر من 60٪ من أبنائه مهنة الزراعة".
وأشار الى أن "تأخير صرف حقوق الفلاحين نتج عنه كساد في الاسواق وازدياد المشاكل الاجتماعية وكثرة المشاكل والنزاعات وقلة العمل، على اعتبار هذه الاموال هي مصدر الرزق والعيش الوحيد لمئات آلاف من أبناء واسط الكادحين الذين لا تقل أهمية حقوقهم وأموالهم هذه عن أهمية رواتب الموظفين". وقال "نجدد تحذيرنا من فشل الزراعة في المحافظة بسبب عزوف المزارع الواسطي عن تسويق محاصيله لمنافذ وزارة التجارة مستقبلا أو عزوفه عن العملية الزراعية اساساً بسبب الاشكاليات التي يتعرض لها ومن أهمها تأخير صرف مستحقاته المالية وهذا ما لمسناه من عدد كبير من الفلاحين ممن ترتبت عليهم ديون منذ أكثر من عام ، أثقلت كاهلهم وتسببت بمزيد من المشاكل الامنية والاجتماعية والاقتصادية".
لافتا الى أن "وزارة التجارة تتحمل هذا الخلل كذلك وزارة المالية التي تأخرت كثيرا في إطلاق تمويل تلك المبالغ التي بدونها لا يمكن للفلاح أن يواصل الزراعة وقد تنقلب المعادلة في اللجوء الى الاستيراد لمختلف المنتجات الزراعية وليس الحنطة وحدها وهذا الامر يتنافى مع التوجهات الحكومية الداعمة الى تشجيع المنتج الوطني والحد من استيراد المنتجات الزراعية التي تم منعها بموجب الروزنامة الزراعية".
وتكتفي محافظة واسط بـ٣٠٪ فقط من انتاجها الزراعي والحيواني العام وتسوق الـ٧٠٪ الفائضة منه ( خضر - فواكه - بيض مائدة - لحوم - أسماك - اضافة الى المخاليط العلفية) الى العاصمة بغداد والمحافظات الاخرى، كما وتساهم محافظة واسط في تأمين نسبة ٣٠٪ من احتياجات العراق الغذائية الاجمالية وهي المحافظة التي تربعت على صدارة جميع المحافظات بانتاج محصول الحنطة. وكانت مديرية زراعة واسط، قد شخصت أبرز التحديات والمشاكل التي أثرت على الواقع الزراعي بالمحافظة إثر انخفاض مناسيب المياه في نهر دجلة، فيما قدمت مقترحاً لرفع مستوى الإنتاج، يضيف مليون دونم من الأراضي الزراعية.
وكشف مدير زراعة واسط أركان مريوش أن "نسبة الملوحة الموجودة في بعض المناطق تؤثر أيضاً سلبا على الواقع الزراعي كما أن المزارعين يعانون من مشكلة البذور والاسمدة وكذلك من قلة المستلزمات الزراعية وهذه من أهم التحديات التي تواجه الواقع الزراعي إضافة الى وجود مشاكل في عملية التسويق بسبب قلة المراكز التسويقية، تضاف الى ذلك عملية التأخير في صرف مستحقات الفلاحين والتي تحصل مع كل موسم دون أن تكون هناك حلول جذرية لهذه المشكلة". ويقول مريوش إن "هذه الاسباب وغيرها قد تدفع بتغيير واقع المحافظة الزراعي من محافظة منتجة تحتل الصدارة في الانتاج خاصة بالنسبة لمحاصيل الحبوب الى محافظة غير منتجة زراعيا وحتى الانتاج الحيواني يتراجع فيها كثيراً". وأوضح "سبق وأن قدمنا في مديرية زراعة واسط لإكمال ثلاثة مشاريع من شأنها رفع مستوى الإنتاج الزراعي تتمثل بإيجاد حل مالي لإكمال مشروع استصلاح واسط- دجيلي الذي تبلغ مساحته 600 ألف دونم بعد أن اكتملت إجراءاته بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية وإكمال مشروع الكوت- بتيره، ومشروع شرق وغرب الغراف لإضافة مليون دونم من الأراضي الزراعية ورفع مستوى الإنتاج". يذكر أن الشركة العامة لتجارة الحبوب قد اعلنت أول أمس أن اجمالي الكميات التي تم استلامها من محصول الحنطة بلغت في عموم البلاد لغاية الأول من تموز (ثلاثة ملايين ومائتان وثلاثة وستون ألف) طن من الحنطة بأنواعها توزعت حسب الدرجات كالآتي:
حنطة ناعمة درجة اولى ثلاثة ملايين وواحد وثلاثون الف وتسعمائة وثلاثة وعشرون طنا، وحنطة ناعمة درجة ثانية مائتان وواحد وعشرون الف طن وستمائة وواحد وستون طنا وحنطة ناعمة درجة ثالثة قاربت العشرة آلاف طن.
وكشفت أن الكميات التي تم استلامها شهدت تراجعا في الانتاج عما تم استلامه العام الماضي لنفس الفترة، خاصة في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين بسبب شحة الامطار في الشتاء الماضي.