TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > "الدفاتر السرّية لأغاثا كريستي"..كريستي العشوائية التي ازدهرت على الفوضى!

"الدفاتر السرّية لأغاثا كريستي"..كريستي العشوائية التي ازدهرت على الفوضى!

نشر في: 29 مايو, 2010: 04:48 م

ترجمة / عادل العاملكانت ذكيةً، و متعلمة، و ثابتة حين كان الأمر يصل إلى غرز سكين لقطع الورق في ظهر رجلٍ أو تسميم سيدةٍ عجوز بمادة السترنكين. لقد كانت أغاثا كريستي، و هي مؤلفة أكثر من 60 رواية جريمة قتل، و ست روايات اعتيادية، و أكثر من 140 قصة قصيرة، و 22 مسرحية،
 و عدد لا حصر له من القصائد، تكتب بتوازنٍ لا يُبارى عن الموت، و الجشع، و أحياناً عن الشر المؤذي الذي لا دافع له. و لقد قرأت، قبل عشرين سنة تقريباً، كل روايات كريستي الخاصة بجرائم القتل. و اليوم، سأقتل من أجل فرصةٍ للعثور على إحدى جثثها ثم أراقب الشك يقوم بين  نساءٍ جريئات، و كولونيلات ودودين، و مغتربين رياضيين عادوا إلى الوطن، و خدمٍ كانوا ــ كيف أعبّر عن هذا؟ ــ أذلاّءَ في الواقع، كما تقول كريستين كينيلي في مقالها هذا. إن معظم شخصيات كريستي الذين من الطبقة المتوسطة و الطبقة العليا كانوا أفراداً يتّسمون بالتسلية كثيراً، لكنهم كانوا أبضاً نماذج متميزة. و كانت ميزة كريستي ــ الموفقة مرةً بعد أخرى، بدءاً بعام 1920 و انتهاءً بوقتٍ قصير قبل موتها في عام 1976 ــ هي أن نماذجها لم يكونوا على الدوام قابلين للتنبؤ بهم على النحو الذي افترضه المرء في الأول. فأنت لم يكن باستطاعتك أبداً أن تخمّن القَتَلة حتي تكون هي قد كشفت القناع عنهم، ثم كان يحصل لديك ذلك الاحساس الفنتازي بالمفاجأة، و الحتمية المطلقة، في الوقت نفسه.آه! كان ذلك هو الطبيب الذي خنق أخته. كان يبدو لطيفاً، لكن الرجال في ذلك الوضعٍ غالباً ما يُصبحون غريبين قليلاً ... طبعاً! و كانت الممرضة في الواقع مَن سمّم المريضة العاجزة. أجل، إن عليك بالفعل أن تراقب حال النساء العازبات في سنٍ معينة. هذا التنافر التام مرغوب فيه بشكلٍ عمومي جداً إلى حد أن السيدة أغاثا كريستي قد باعت أكثر من بليونين من كتبها في 45 لغة ( و إذا صدّقتَ موسوعة الويكيبيديا، 4 بلايين كتاب في 56 لغة ). فأي شيءٍ، عندئذٍ، يمكن أن يكون أكثر إثارةً للصدمة من اكتشاف أن السيدة dame لم تكن سيدة lady؟ لم تكن أغاثا تجلس عند مكتب بدائي و هي تطبع بإناقةٍ رواياتها، الفصل 1 يتبعه الفصل 2، و هكذا، قبل أن ترتدي القفازات و تنزل عند الساعة السادسة بعد الظهر لتتناول كأس شَيري. فنحن نجد جون كوران John Curran ، في كتابه دفاتر أغاثا كريستي السرّية Agatha Christie's Secret Notebooks يكشف عن تشوّشٍ تام في طريقة عمل كريستي. كان يومها الكتابي الأقل تشذيباً يبدأ بإيجاد دفترها، الذي كانت قد تركته بالتأكيد هناك تماماً. و بعد أن تجد دفتراً ( ليس الذي كانت قد استعملته البارحة )، و تحدّق مذهولةً، ستحسم أمرها أخيراً و تنخس الشخصيات المراوغة و الحبكات المحتاجة إلى تزييت. و الأكثر إثارةً للدهشة، أن كوران يكتشف أن كريستي لم تكن تعرف، حين تبدأ كتابة رواياتها، مَن هو القاتل. آه! يبدو أن الكاتبة اللامعة لقصص الغموض يجب أن تعيش الغموض في الأول!لقد عثر كوران على الدفاتر بينما كان يقضي عطلة نهاية أسبوع مع حفيد كريستي، ماثية برتشارد، و أسرته في غريوَي، البيت الذي تقضي فيه الأسرة عطلاتها. و سرعان ما استحوذ عليه الأمر، فقضى تلك معظم العطلة ثم السنوات الأربع التالية مستخدماً الدفاتر لتتبّع أثر تطور فِكَر كريستي القصصي و يرسم خارطة الأحداث و المواضيع على فنها. و تحتوي الدفاتر على آلاف الفِكَر، و الكثير منها مؤرَّخ قبل إنهاء العمل الذي ظهرت فيه، و القليل منها متعاقب، نظراً لكونها كانت تخربش على أفرب شيء في متناول يدها. إن تدوين الملاحظات المشوَّش كان يعني أن أية رواية أو مسرحية كان يمكن أن تكون موزّعةً على دفاتر متعددة و سنواتٍ كثيرة، كثيرة. فقد استخدمت كريستي الدفتر 3 في الأقل لمدة 17 سنة و لـ 17 رواية. و كانت الدفاتر الأخرى شبيهة بذلك تقريباً؛ و لم تكن هناك سوى خمسة دفاتر فقط تتعامل مع عنوانٍ واحد ( ثلاثة دفاتر تحتوي على قوانين كيميائية، و الدفتر الأخير فارغ ). و هناك بعض الشواهد على أن كريستي حاولت أن تتولى أمر العناية بذلك الركام، مجدولةً المحتويات في قائمة عند بداية الدفتر الواحد. و بالنسبة لبعض الروايات، حاولت أن تفرض طريقة على ممارستها المتّسمة بالفوضى، محددةً حروفاً معينة للمشاهد و تقوم بتحريكها هنا و هناك. غير أن جهودها في التنظيم تبدّدت سريعاً. فالمحتويات متعددة الأبعاد مثل تركيبتها الشبيهة بأيشَر. فهي تشتمل على مشاهد معمولة تماماً، و خلفيات تاريخية، و قائمة بأسماء الشخصيات، و خرائط مضطربة لأماكن خيالية، و خلفيات مسرحية، و رموز للتذكر، و فِكَر حبكات سيمكن التعرف عليها بالنسبة لأيٍّ من محبّي كريستي : " يطلب بويروت النزول إلى الريف ــ يجد منزلاً و تفاصيل خيالية متنوعة، " ينقذ حياتها مراتٍ عديدة "، " يستعلم يستفهم ــ كلاهما بالمعنى نفسه ". و ما هو أكثر من ذلك بالاضافة إلى أمور منذرة بالسوء قوائم بقالة : " صحف، ورق تواليت، ملح، فلفل، ... ". و لم يكن هناك حد فاصل بين حياة كريستي العملية و حياتها الأسرية. فقد كانت تدير أسرتها و تخربش ملاحظاتٍ لنفسها. و حتى زوجها الثاني، عالم الآثار سير ماكس مالو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram