سامر الياس سعيد
تقترب بطولة الأمم الأوروبية من النهاية، حيث برزت نسخة العام التي تم تأجيلها بسبب جائحة كورونا بعديد المعطيات التي تعزّز الواقعية في عهد جديد من تاريخ كرة القدم سيكون فاصلاً مُهمّاً لكل المُتابعين والمُحلّلين من خلال ما أفرزته مباريات البطولة.
بلا شك أسهمت البطولة في بروز اقطاب كروية جديدة تعلن منافستها وزعزعتها لعروش منتخبات عريقة عرفت تواصلاً شبه دائم مع منصّات التتويج لتحل البطولة المذكورة غير آبهة لتلك المُعطيات والمؤشرات لا بل تنسف كل الترشيحات الراسخة من وصول منتخبات بعينها الى لحظة التتويج التي تُعد مطمح الكثير من المنتخبات.
في المقام الأول من فصول تلك الواقعية، كافحت إيطاليا أحد قطبي النهائي يوم الأحد المقبل لتعيد اعتبارها على فاصلين مهمّين أحّدهما عامّاً ممثلاً بعودة صورتها كأحد المنتخبات المكافحة التي قاتلت من أجل انتزاع فرصتها في الحياة والمضي في مشوار البطولة مثلما خرجت إيطاليا كدولة من عُنق زجاجة الجائحة "الضيّق" وهي غارقة باحزانها في أوج تلك الأزمة التي حصدت أرواح كثيرين، فيما بقيت القارة العجوز ترمق مثل تلك الاخبار الحزينة بشيء من اللامبالاة لمُصاب إيطاليا التي كانت تعيش في تلك الفترة أقسى أيامها!
انجاز منتخب إيطاليا بالتشبّث بفرصته في منافسات البطولة الأوروبية كأنه رسالة للجميع بان إيطاليا وأبناءها ينتفضون لتلك الأيام ويعلنون عودة الحياة لمفاصل الرياضة والحياة بشكل عام.
والمفصل الآخر الذي دعا لأن تكون إيطاليا تتشبّث بفرصتها القائمة وتواصل انتصارتها لبلوغ منصّة الكأس الغالية هو أنها تريد تعويض الأيام العجاف التي مرّت عليها منذ فشلها بالتأهل لمونديال روسيا عام 2018 الأمر الذي زرع اليأس في نفوس أبنائها وأخلّ بمنظومة الكرة وجعلها تخضع للدراسات والآراء والافكار لعودة قوية تسهم بشي من تعويض تلك الخسارة القاسية التي أبعدتها عن تجسيد حلمها بالتواجد الدائمي في منافسات أهم وأبرز بطولة عالمية على الاطلاق ممثلة بنهائيات كأس العالم.
لكن .. ماذا بالنسبة للمنتخبات الأخرى التي عجزت عن الوصول الى الخطوط النهائية من بطولة يورو 2020 كالمنتخب الإسباني الذي خانته الامتار النهائية خصوصاً في التعامل مع ركلات الترجيح بواقعية من خلال الاعتماد على اسماء لا تعيش تحت وطأة الضغوطات مثلما مرّ به اللاعب موراتا الذي فشل في تسديد الضربة الحاسمة برغم أنه كان السبب البارز في جرّ مباراة المنتخبين الإسباني والإيطالي في الدور نصف النهائي الى الأوقات الاضافية، ومن ثم اللجوء لركلات الترجيح لحسم هوية القطب الأول في المباراة النهائية الأمر الذي جعل من موراتا يعيش مرارة الفشل مثله مثل اللاعب كيليان مبابي مهاجم المنتخب الفرنسي الذي كان السبب في خيبة كرته من بلوغ المرمى السويسري فأقصت المنتخب الفرنسي أحد الاقطاب المهمّة في البطولة الأوربية والمرشّحة بقوة لنيل البطولة وتعويض تلك الخسارة المفاجئة التي مُنِيَ بها أمام المنتخب البرتغالي حينما انتصر الأخير بهدف وحيد في نهائي النسخة السابقة التي أقيمت في فرنسا عام 2016.
وما دمنا في فلك منتخب الديوك، فإن ما تناقلته الاخبار في الصحف الفرنسية حول الخلافات التي نشبت في صفوف المنتخب والتي عزتها الى شرارة بوادر الخسارة والاقصاء من جانب المنتخب السويسري حينما تمكّن من العودة الى المباراة بهدفين سجّلهما في ظرف الدقائق العشر الأخيرة بعد أن عزّزت فرنسا تقدّمها بثلاثية كان أبرزها هدف النجم الفرنسي بول بوغبا الذي عُدّ من أجمل أهداف البطولة على الاطلاق حينما سدّد كرة قوية عانقت الشباك وسط ذهول الجميع ومن ضمنهم حارس المرمى السويسري سومر!
الواقعية الأوروبية برزت خلال البطولة من خلال هذه المُعطيات التي عزّزتها الرغبة في النصر، وما رسّختهُ إيطاليا من قناعة لدى المتابعين باحقية الفوز أو ما نجم عن الخلافات من تسارع خروج المنتخب الفرنسي، وذهبت أغلب الترشيحات التي كانت تحيط بهذا المنتخب أدراج الرياح!