ميسان/ مهدي الساعدي
يقف حامد 33 عاما بمواجهة نار التنور المستعرة خلال تأدية عمله اليومي في محله الخاص بإعداد الخبز (المخبز) على الرغم من ارتفاع معدلات درجات الحرارة لتفوق درجة نصف الغليان في لوحة رسمها عرق جبينه لتسطر أعلى قيم خوض معترك الحياة لتحصيل لقمة العيش.
على الوتيرة ذاتها يواجه أصحاب المهن والعاملين في ظروف (نارية) قاسية معاناة كبيرة قد تعرض حياتهم للخطر خصوصا ونحن نعيش اجواء صيفية لاهبة يبحث الكثير من الناس فيها عن أماكن باردة للترويح عن النفس وهربا من سخونة الجو الحارقة. يقول حامد الخباز "عملي الوحيد في المخبز ولا أجيد الا صناعة وإعداد الخبز ومحلي صغير يجعلني أواجه النار وجها لوجه لأكثر من ثماني ساعات يوميا من أجل تحصيل لقمة العيش لعيالي وليس لي مصدر رزق آخر وانا اعيل خمسة أطفال وزوجة".
لم يكن حامد الخباز سوى نموذجا واحدا من العاملين بمقربة من النار بل يشاركه في العمل داخل المخبز بالتحديد رفيقه محسن الذي يقوم بإخراج الخبز من التنور وكما يسميه أصحاب المهنة (شلاع) وهناك غيره العديد من أصحاب المهن الذين يعيشون الظروف القاسية ذاتها ناهيك عن العاملين تحت أشعة الشمس الحارقة.
علي سعد 27 عاما يعمل في مطعم شعبي في احد احياء مدينة العمارة وطبقا لطبيعة عمله التي تجعله بمواجهة مباشرة مع النار وهو يعمل على قلي الفلافل في قدر كبير مليء بالزيت على السنة ملتهبة من النار لزفيرها وقع خاص.
يقول علي "بحثت عن العمل في عدة أماكن فلم أجد غير قلي الفلافل واعمل يوميا بمعدل 9 ساعات أواجه فيها العديد من المتاعب منها الحروق بواسطة الزيت الحار المتطاير من عملية القلي وحروق سطحية بسبب حرارة النار واؤمن من خلال عملي مصروفي ومصروف زوجتي وطفلي الصغير".
لعل المهن التي تعتمد النار اساسا لعملها كثيرة ولا يمكن حصرها على عجالة ولكن نسلط الضوء قدر المستطاع على أكثر المهن انتشارا بين الاوساط العامة للعاملين والكادحين في ظروف لاهبة.
جاسب ثجيل 46 عاما يعمل في إعداد (السمك المسكوف) وهي إحدى المهن التي شهدت رواجا في المدينة يعمل بدوره بمواجهة مباشرة مع النار وإعداد مواقد كبيرة ومستعرة من الخشب من أجل شي الاسماك عليها.
يقول جاسب "العمل بالنار صعب جدا ولكن ليست لي معيشة أخرى اكسب منها قوتا لعيالي وعلى الرغم من اني واجهت الكثير من المشاكل الصحية بسببها الا انها مصدر رزقي الوحيد ولا أجيد غيرها".
يواجه العاملون في مهن تعتمد قربهم ومواجهتهم للنار في ظل ارتفاع معدلات درجات الحرارة مشاكل عديدة منها صحية لها تأثير سلبي على صحة العاملين.
يقول المختص بالشأن الطبي سعد حسان "عادة ما يواجه العاملون في أماكن ترتفع فيها درجات الحرارة سواء بمجابهة النار او بغيرها من مشاكل في هبوط بضغط الدورة الدموية بسبب نضح كمية كبيرة من سوائل الجسم بسبب التعرق مما يعرضهم لمشاكل عدم الاتزان والغثيان".
ويضيف حسان "كما يتعرض العاملون لمشاكل جلدية متمثلة بانتشار الطفح الجلدي الذي ينتج بسبب تعرض جسم الإنسان لدرجات حرارة عالية كما هناك حالات أكثر خطورة عند التعرض فترات طويلة للحرارة المباشرة".
المعاناة التي يتعرض لها العاملون في أجواء نارية تحت ظروف ارتفاع معدلات درجات الحرارة استثنائية وكبيرة جدا ولكنه بالمحصلة النهائية خوض غمار معترك الحياة من أجل تحصيل لقمة العيش التي لا يمكن الظفر بها لو لا تدفق عرق الجبين.
وغير (الخباز) ورفاقه من أصحاب المهن النارية هناك عمال معامل الطابوق خصوصا (الشاعول) الذي يتواجد بمقربة من نار الفرن الخاص بحرق الطابوق أضف إليهم العاملون تحت أشعة الشمس بصورة مباشرة.