علاء المفرجي
مدام بوفاري هي اولى الروايات التي كتبها غوستاف فلوبير عام 1856 .. ترجمت الى عديد من اللغات وصد صدرت اخيرا عن دار المدى بترجمة محمد مندور،
بدأ فولبير العمل على رواية مدام بوفاري، وقد استغرق خمس سنوات في كتابتها بعد عودته من مصر، وبعد نشرها بالمجلة قامت الحكومة برفع دعوى على المؤلف والناشر بتهمة الفجور إلا أنه تم تبرئة كليهما، وتم استقبال الرواية بحماس عند ظهورها على شكل كتاب، ومن الأعمال الأخرى لجوستاف.
تدور أحداث رواية مدام بوفاري في منطقة ريفية شمال فرنسا بالقرب من مدينة رْوان في نورماندي، وتبدأ بتشارلز بوفاري وهو مراهقٌ خجول يرتدي ملابس غريبة يصل إلى مدرسةٍ جديدة يتعرض فيها للسخرية من زملائه الجدد، ويكافح للحصول على شهادة طبية من الدرجة الثانية ويتزوّج من امرأةٍ أرملة ثرية مزعجة من اختيار والدته، وفي أحد الأيام يقوم تشارلز بزيارة لمزرعة محلية لمعالجة ساق مالكها المكسورة وهناك يلتقي بابنة مريضه والذي ينجذب إليها على الفور، وهي شابّة جميلة تدعى إيما حصلت على تعليم جيد في الدّير، ولديها تلهفٌ قوى للرفاهية والرومانسية المُكتسبة من قراءة الروايات الشعبية، ويقوم تشارلز بالزواج من إيما بعد وفاة زوجته وبعد موافقة والدها. بعد الزواج تجد إيما أن حياتها الزوجية مملة وفاترة، خاصّةً بعد أن قامت بحضور إحدى المناسبات الأرستقراطية الراقية برفقة زوجها في منزل أحد النبلاء، ونتيجةً لذلك يقرر تشارلز الإنتقال إلى مدينة أخرى ذات أسواق كبيرة اعتقادًا منه أن زوجته بحاجة إلى تغيير محيطها وبيئتها، وفي المدينة الجديدة يُنجبا طفلةً ويسمونها بيرثي لكن الأمومة تثبت خيبة أمل إيما التي أصبحت مفتونة بشاب ذكي يدعى ليون وهو طالب حقوق، والذي يشاركها في اهتماماتها الأدبية والموسيقية ويعيد لها ما فقدته مع زوجها غير المُلمّ بهذه الاهتمامات، وللحفاظ على صورتها كزوجة وأم مخلصة تخفي إيما احتقارها لتشارلز. وتتعرّض إيما لصدمة كبيرة بعد علاقة غرامية بنهاية لم تتوقعها مع أحد الأثرياء أوقعتها في مرض مميت تتجه بعدها ولفترة وجيزة إلى الدّين، وبعد أن تتعافى إيما بشكل كامل تقريبًا وبعد إصرارٍ من تشارلز يقومان بحضور الأوبرا، وهناك تلتقي إيما بليون مرةً أخرى والذي كان قد سافر إلى باريس للدراسة، وتبدأ علاقة غراميّة بين إيما وليون، حيث تسافر إيما أسبوعيًا لملاقاة ليون، في حين يعتقد تشارلز بأن زوجته إيما تتلقّى دروسًا في البيانو، وتنتهي رواية مدام بوفاري بوفاة إيما وتشارلز.
تعد مدام بوفاري من بين اكثر الروايات التي عالجتها السينما، ومن بين هذه المعالجات ما قام به المخرج: فنسنت مينيلي عام 1949
تمت ترجمة النص من الإنجليزية هي فيلم درامي رومانسي أمريكي تم اقتباسه عام 1949 عن الرواية الكلاسيكية. من بطولة جنيفر جونز وجيمس ماسون وفان هيفلين ولويس جوردان وألف كيلين وجين لوكهارت وفرانك ألنبي وجلاديس كوبر. ويكيبيديا (إنجليزية)
وكذلك معالجة المخرج الصيني زياوجانج فينج، بعنوان (لست مدام بوفاري) وتدور أحداث الفيلم حول امرأة تتحدى البيروقراطية الصينية، حيث تناضل بعناد لاستعادة شرفها بعد طلاق زائف واتهامات بجرائم جنسية، فتشق طريقها عبر النظام القانوني الصيني الشائك طلبًا للعدالة. وفي عام 2014 قدمت مدام بوفاري كفيلم دراما أمريكي وبلجيكي وألماني. أخرجتهُ المخرجة الفرنسية صوفي بارت ، ولُغتُهُ الأصلِيَّة هي الإنجليزية. مثلت فيه دور إيما المُمَثلة الأسترالية-البولونية ميا واسيكوسكا. الفيلم مقتبس مُباشرةً من الرِّواية التي تحمل نفسَ الاسم للكاتب الفرنسي جوستاف فلوبير، مع تغيير كبير في بعض التفاصيل.
كان في فيلم المخرج المكسيكي ارتو ربستين المهم (أسباب القلب) عام 2011، هم من الاعمل التي استفادت من الرواية، فهي مخلصا لمنهج المخرج في الأدب والروايات العالمية موضوعات لأفلامه، وهو في هذه الأعمال التي طبعت أكثر أفلامه إنما يبحث عما هو ملهم، فهو يبحث عن الأعمال التي تتماهى ورؤيته السينمائية ، لذا تراه يعيد إنتاج الفكرة بما ينسجم مع هذه الرؤية.
وكما نقل ربستين أجواء القاهرة إلى المكسيك في فيلمه المعد عن رواية نجيب محفوظ (بداية ونهاية)، فإنه قد اختار في فيلمه (أسباب القلب) احد أهم الشخصيات الروائية في الأدب الفرنسي على الإطلاق، (ايما) في رواية غوستاف فلوبير (مدام بوفاري) لتكون موضوعا لفيلمه هذا.من خلال امرأة مكسيكية تعيش الأجواء النفسية والاجتماعية نفسها. ومنذ المشهد الاستهلالي في الفيلم يجعلنا ربستين نعيش لحظات القلق والخواء الذي تعيشه بطلة الفيلم التي تتنازعها الرغبة في الانعتاق من القيد الاجتماعي والإحساس باللاجدوى من حياة لا جديد فيها سوى الهمّ الاجتماعي والاقتصادي.. ومثل ايما شخصية فلوبير تشعر بالنفور من الحاضر الرتيب، حالمة بحياة مكتظة بالعاطفة لتنغمس فيها برغبة عارمة، لكنها تصطدم بواقع لا يمنح أمثالها فرصة الانفلات..امرأة متزوجة من زوج خال من الحياة لا يوليها الاهتمام المطلوب.. تعشق مهاجرا كوبيا غير شرعي لا يبادلها الحب نفسه، فهو منشغل بحياته وطموحه في أن يكون عازف ساكسفون مشهورا، وهي لا تتوانى أيضا في خيانة الاثنين في لحظة يأس مطبقة مع رجل جار لها في علاقة عبثية عابرة تحيلنا إلى غريب كامو . تحاول الزوجة الإفلات من هذه الدائرة المغلقة بلاجدوى لتقرر الانتحار، الذي تبدو هنا حلا (معقولا) لورطة الروح.. وعند جثمانها يجتمع الرجال الثلاثة مع ابنتها الصغيرة بحوار هامس تصحبه موسيقى الساكسفون الحزينة.. وبلغة سينمائية جميلة يستبطن ربستين دواخل شخصياته، بأجواء قاتمة تقبض النفس الفيلم منفذ بالأبيض والأسود وأداء معجز للممثلة ارسيليا راميريز.