يعقوب يوسف جبر
(ورد في المادة 14من الدستور العراقي مايلي :العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الراي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي) .
قد يتصور البعض أن مبدأ المساواة بين المواطنين يقتصر على الحقوق وهذا تصور خاطئ ، فالمساواة تمتد إلى المسؤوليات والالتزامات التي يجب أن يتحملها كل مواطن تجاه غيره وتجاه الدولة برمتها مهما كانت صفته ، إذن مثلما هنالك مساواة في الحقوق هنالك مساواة في المسؤوليات .
في المادة الدستورية اعلاه إشارة واضحة إلى وجوب أن تمنح الدولة كل مواطن عراقي حقوقه بالتساوي مع غيره دون تمييز ، لكن متى وكيف ؟
نعم يجب على الدولة أن تمنح كل مواطن حقوقه على اساس المساواة لكن في نفس الوقت يجب أن يتحمل المواطن عبء المسؤوليات تجاه غيره وتجاه الدولة ؟ اما ان يتمتع بالحقوق لكنه يتنصل عن مسؤولياته فهذا افتراض لايستقيم مع المنطق القانوني.
ان كل مواطن تتوافر فيه اهلية الأداء يتوجب عليه أن يتحمل جملة من المسؤوليات ، حتى يكون مستحقا للحقوق الدستورية ، وإلا ما جدوى منح الحقوق له وهو لا يتحمل هذه المسؤوليات ؟ فلو افترضنا ذلك فلن يتحقق التوازن في شتى المجالات ولن تنهض الدولة في إطار التنمية على كافة الصعد .
فمثلا في المجال الأمني يبرز حق كل مواطن في الحصول على حق الأمن، لكن في نفس الوقت لابد أن يساهم في إرساء الأمن الوطني ، من خلال مساهمته في رصد الخطر الذي يهدد الأمن ، ومساهمته في الدفاع عن سيادة هذا البلد اومن خلال الامتناع عن ارتكاب الجرائم التي تهدد امن البلاد .
اما بخصوص الحقوق الأخرى منها حق التعليم فإن كل مواطن مكفول له هذا الحق الدستوري ، لكن مقابل ذلك يتوجب عليه أن يبذل عناية الرجل المعتاد في الحصول على هذا الحق لا أن يهمله، لكن تبقى مسؤولية الدولة في تهيئة وسائل التعليم إذ ماتزال وسائل متخلفة في بلادنا قياسا بدول العالم المتطورة .
اما حق العمل فهو ايضا حق دستوري يجب على الدولة توفيره لكل مواطن إلا أن هذا الحق يرتب مسؤولية دستورية على من يتمتع به ، تتمثل ببذل الجهد المناسب للمساهمة في تقديم الخدمة الافضل سواء في القطاع العام أو الخاص ، لا أن يتقاعس العاملون والموظفون خاصة في القطاع العام عن أداء اعمالهم بصورة متقنة .
من ناحية أخرى من حق بعض المواطنين ممن تتوافر فيهم الشروط القانونية الترشح للمناصب العليا في الدولة أو شغلها ، لكن تقع على عاتقهم مسؤولية جسيمة تتلخص في أداء هذه الوظائف بالشكل الذي يساهم في إدارة شؤون الدولة على احسن وجه ويحقق الغايات العليا.
إذن لا يمكن لنا أن نتصور مطلقا قيام دولة دستورية معطاء مواطنها يطالب بالحقوق لكن عندما توفرها الدولة له يفرط بحقوق غيره ويبخسها سواء كانت هذه الحقوق عامة أو خاصة .