وديع غزوانتتفق اغلب القوى السياسية على ضرورة العمل في المرحلة المقبلة على تغيير وتعديل بعض فقرات الدستور خاصة ان الجميع متفقون على ان كتابته جاءت سريعة ومحكومة بظروف في مقدمتها الحاجة الماسة اليه لتحديد شكل الدولة وهويتها وتنظيم حقوق وواجبات المواطنين جميعاً على وفق فقرات وبنود يصوت عليها الشعب ويرتضي الاحتكام اليها لحل اية قضايا خلافية قد تحث في المستقبل .
وليس من المعيب في الدستور ان تتم عمليات تعديل في مراحل لاحقة على بعض فقراته , بل هو امر طبيعي سبقتنا اليه العديد من الدول التي قطعت اشواطاً متقدمة في مجال التطبيق الديمقراطي . المهم ان تتولد قناعة لدى الجميع , مواطنين وسياسين , بضرورة الحفاظ على الدستور الذي صوتت عليه الغالبية العظمى من الشعب , والالتزام بما جاء فيه واحترام رأي القضاء في الفقرات المختلف عليها , وعدم القفز عليها , كما ان عملية التعديل ينبغي ان تتم على وفق اعتبارات قانونية صحيحة بعيداً عن عملية تسييس الموضوع لخدمة اهداف اطراف بعينها. وانطلاقاً من هذا الفهم دعا المسؤولون في إقليم كردستان الى الالتزام الكامل بالدستور اساساً للتحالف مع اي طرف والاقتراب او الابتعاد عن الكتل السياسية الاخرى , لانه بغير الدستور لايمكن اصلاً الاطمئنان على مستقبل العملية السياسية التي تفترض اتفاقاً مبدئياً على اهم وثيقة فيه الا وهي الدستور, وان لايتخذه البعض وسيلة لتحقيق مآرب ضيقة سواء من السياسيين او من بعض القانونيين والاعلاميين الذين يسيئون الى مهنتهم عندما يتخذونها وسيلة للتكسب الرخيص او للحصول على رضى وحظوة اطراف معينة, فنراهم يبتعدون عن اصول المهنية وما تقتضيه من امانة تبعد الشخص عن الانزلاق بمهاوي النفعية واللهاث نحو منافع شخصية على حساب مصلحة الوطن .كان يفترض ان ينبري ذوو الحل والعقد ومنذ فترة زمنية مناسبة على تشكيل لجنة تمثل فيها كل مكونات الشعب واعضاء معروفين بالنزاهة والموضوعية وعدم الانحياز من القضاء والمتخصصين من القانونيين لاجراء مراجعة شاملة للدستور تضع حداً لكل الخلافات التي اعتدنا ظهورها موسمياً, ولابأس من الاستعانة بخبراء من الامم المتحدة والجامعة العربية لانجاز مثل هذه القضية المهمة والحساسة.ان الخلاف الواسع بشأن تفسير المادة 76 وتعريف الكتلة التي يحق لها تشكيل الحكومة أهي التي تتمكن من تكوين كتلة كبيرة تحت قبة البرلمان نتيجة تحالفاتها ام الكتلة الفائزة ؟ ان هذا الخلاف يفرض ان يضع مجلس النواب والحكومة ومعهما كل القوى السياسية مهمة مراجعة الدستور في رأس مهماتها , واذا اضفنا الى ذلك ما يثار بين فترة واخرى بشأن المادة 140 تكون الحاجة اكثر الحاحاً للاتفاق على هكذا وثيقة مهمة واساسية .يحق لكل عراقي ان يفخر بوجود دستور دائم يحق له مناقشة فقراته ويطالب بتعديلها ,دستور كفل حريته وتوزيع ثرواته بعدالة و حدد صلاحيات السلطات الثلاث وغيرها من الفقرات الضامنة لحقوقه , غير ان الكثير مما عايشناه وما لمسناه في السنوات السابقة , كان بشكل او آخرانتهاك لروح الدستور وما جاء فيه , وربما رواتب ومخصصات اعضاء مجلس النواب والوزراء وغيرهم من ذوي الدرجات الخاصة ورواتبهم التقاعدية بعد سنوات خدمة لاتتجاوز السنوات الاربع ان لم يكن اقل , خير دليل على ذلك ! فاحترموا الدستور ياساسة واجهدوا انفسكم على تطبيق روح نصوصه الصريحة بشأن كرامة المواطن وحريته والحفاظ على ثرواته , بعدها اختلفوا على ما شئتم .
كردستانيات: روح الـدسـتــور
نشر في: 29 مايو, 2010: 06:53 م