سعيد الهزازكثيرة هيَ التقارير التي صدرت عن التعليم في العراق ابتداءً من تقارير مس بيل حتى دخول العراق عصبة الأمم سنة 1932 ولكن هناك بعض التفاصيل من الواجب ان نتطرق اليها فلم تكن هناك بنايات للمدارس
بل بيوت تؤجرها الحكومة ولكنها لا تفي بالحاجة وأهتم بالتعليم الملك فيصل الأول سجل نفسه معلماً في المدرسة المأمونية الابتدائية في الميدان وسجل ابنه الأمير غازي في فرقة كشافة المدرسة المذكورة. ولما كانت الحاجة ملحة للمعلمين فقد افتتحت الحكومة ثلاث مدارس للمعلمين وهي دار المعلمين الأولية وتكون الدراسة فيها سنتين بعد الابتدائية وبتوجيه من الأستاذ المربي ساطع الحصري مدير المعارف العام وصديق الملك فيصل الأول الذي قام التعليم على اكتافه في العشرينيات وتعاقدت الحكومة مع معلمين من سوريا ولبنان وفلسطين ومصر ومنهم على سبيل المثال نجيب مشرفي ولبيب الاسكندراني وأدوارد جرجي ودرويش المقدادي وفريد السعد وجلال زريق وغيرهم الكثير. وتوزعوا على المدارس الثانوية وكانت الثانوية المركزية مرسماً كبيراً لتدريس الرسم مع المدرس شوكت سليمان ويذكره الرسامون مثل الدروبي. فقد درس على يديه وفي قاعة المدرسة أيضاً بيانو ويقوم المعلم جاك سوفير بتعلم التلاميذ العزف على البيانو. وحين رجع العراقيون من بيروت يحملون الشهادات الجامعية تبرع الأستاذ ابراهيم اسماعيل فقام بتعليم لعبة كرة السلة وكان من المبرزين فيها الطيار كاظم عبادي.. أما شقيقه أركان العبادي فكان بطلاً في رمي (الرمح) ثم افتتحت الكليات. ففي الرستمية فتحت كلية الزراعة وتكون الدراسة فيها سنتين وكلية الهندسة في الرستمية أيضاً. أما الحقوق فبدأت في العهد العثماني وتجددت في العشرينيات وقبلت في صفوفها حتى الذين يتقدمون بشهادات من العلماء والفقهاء بأنهم كانوا تلاميذهم. وقد كتب الكثير عن الكلية الطبية ولكن المهم هو حاجة التلاميذ الى الجثث لتشريحها وكان يوفرها الملا عبد والملا خضر المستخدمان في المستشفى الملكي ذلك ان الأموات كثيرون فيه وليس هناك من يسأل عنهم ومن السهل جداً الحصول على جثة لتشريحها ما دام الملا عبد والملا خضر موجودين (والربية متوفرة) وهناك مدارس دينية في الجوامع مثل مدرسة عبدالوهاب أفندي ومدرسة محمود شكري الآلوسي. كانت طبقة المعلمين في الثانويات متفتحة اجتماعياً وثقافياً وهم الذين قادوا حركة السفور والحجاب في العشرينيات ومنهم عوني بكر صدقي وشفيق سلمان وعبدالكريم جودت وناصر عوني ونوري ثابت ويحيى قاف وعباس فضلي خماس وكان اشهر مدير في الثانوية طالب مشتاق ولدار المعلمين يوسف عزالدين الناصري وللابتدائية سعيد بهجت وللبنات آمنة سعيد. وفي أواخر العشرينيات تسلم خريجو الجامعة الأمريكية في بيروت مهمة التدريس في الثانويات ومنهم حافظ جميل وفؤاد الانكرلي للأحياء وشيت نعوم للفيزياء وكاظم الخضيري للانكليْزي.rnالمعروفُ لدى المطلعين ان سلطة الانكليز المحتلة لم تكن متحمسة اول الامر الى اعادة فتح المدارس في البلاد ولكن حاجتها الى كتاب محليين من العرب وكثرة مطالبة الاهلين للمسؤولية حول ضرورة انقاذ ابنائهم من الطرقات اضطرها الى التفكير بامر فتح المدارس.ان التفكير في فتح المدارس يقتضي وجود عدد كاف من المعلمين الاكفاء غير ان الموجود منهم كانوا معلمين في العهد العثماني ومعظمهم لا يعرف العربية كما ان معلومات بعضهم كانت ضحلة فكيف تحل هذه المشكلة؟وحلاً لهذه المشكلة قررت السلطة فتح معهد تكون الدراسة فيه على شكل دورات لاتزيد مدة الدورة عن ثلاثة اشهر ولكن اين الطلاب؟!لقد اصطدم المسؤولون بمشكلة عدم رغبة الاباء في دخول ابنائهم بهذا المعهد لانهم لا يريدون لهم ان يكونوا معلمين والمعلم بالرغم من عمله الشريف ينظر اليه المجتمع نظرة سخرية واستخفاف فما العمل؟اتبع المسؤولون لحل هذه المشكلة طريقين الاول اقناع الاباء باهمية هذه المهنة واثرها في خدمة الامة والثاني اعطاء مخصصات شهرية للطالب الذي يدرس في هذا المعهد وهكذا تقدم عدد من الطلاب للدورة الاولى التي تخرج فيها سنة 1917، ثم تتابعت الدورات واخذت مدة الدراسة تزيد الى ان استقرت بعد ذلك على سنتين ثم ثلاث ثم اربع سنوات.وفي يوم 10/ 10/ 1917 اعلنت (نظارة المعارف) اعلاناً تبين الخاصة بها والرابعة في دار صغيرة تقع في محلة الشيخ صندل.وهكذا راحت هذه المدارس يتزايد عددها وينتشر في شتى مدن العراق الى ان اصبحت على ما هي عليه اليوم من السعة والانتشار.كانت الدراسة في المدارس الابتدائية اربع سنوات يجري بعدها امتحان حكومي لطلاب الصفوف الرابعة فيها.وكان اول امتحان حكومي اجرى لهؤلاء الطلاب وسمي بامتحان (البكالوريا) منذئذ هو الذي جرى يوم 26-29 مايس 1917.ولما بدأت المدارس القائمة بتخريج عدد من الطلاب قررت نظارة المعارف فتح مدرسة (تجهيزية) على مستوى المدرسة السلطانية في العهد العثماني واعلنت فعلاً عن فتح الصف الاول لها وعينت لادارتها الاستاذ داود نيازي سليم.وفي سنة 1919-1920 الدراسية قامت في بغداد مدرسة ثانوية مستقلة استقر طلابها في بناية (البعثات سابقاً) مقابل النادي العسكري وعين
التعليم في بغداد .. حكايات مواقف
نشر في: 30 مايو, 2010: 04:39 م