سعاد الجزائري
عيدكم سعيد!!!!..وثم ماذا، وما الذي يعنيه هذا العيد او الذي قبله. لا يختلف العيد عندنا عن أي مأتم، فقبلها وخلالها وبعدها؛ اغتراب، حروب، طوابير من الراحلين الى أبديتهم، عيونهم مغمضة، وعيوننا مفتوحة على دمعها ووحشتها، وكلماتنا مبللة بالقهر والضيم، والفقر والعطش يفترش اراضيه بين النهرين..
الحرب عندنا مثل تقليد فولكلوري نعيد تكراره في كل مناسبة، او نشنها لسبب او بدونه، فالأمهات يحملن ببطونهن تسعة أشهر ثم تربيه وتراقب سنواته وطول قامته، ثم، وقبل ان تكتمل دورة حياته، تبتلعه نيران الحروب وكأنه خشبة حطب.
لم يكفّ دم قتلى الحروب والغدر من الفيضان في الشوارع وعلى بياض الاعلام، حتى المصابيح فقدت لون ضيائها وتغطت بلون الدم، والامهات توشحن بسواد جزعهن على يافعٍ غاب ومازال عطر روحه يتجول في البيت.
عيد سعيد، والعيد في وطننا يلبس السواد، وتزين فيه الامهات وجوههن بتراب القبر وتزغرد لعريس خلع بدلة زفافه السوداء ولبس الكفن.
عيد سعيد!! لكن السعادة تفتت على عتبة الائمة الذين ارهقتهم كثرة النذور والأدعية التي لم تْستجاب، لان السماء أغلقت ابوابها بوجه أدعيتنا، وأمطرتها زخات قهر..
لا عيد يطرق أبوابنا، لأننا ذبحنا شبابنا مع الأضاحي فاختلط دم الضَحية والضِحية، وعجنت الارامل حلوى العيد بدم الحبيب الذي رحل على عجل من أمره وترك خلفه حسرة الضياع وبكاء رضيع لم ينطق بعد كلمة (بابا أو بويه).
وفي العيد يلعب أطفالنا بالموت فيقتل أحدهم الاخر ليكسب نقاطا أكثر في لعبته، لانهم تعلموا أنن الفوز عندنا يسجله زيادة عدد القتلى..
مساجدنا تؤذن صباح العيد وتقرأ آيات وسور، والتي تُقرأ صبحا وظهرا وعصرا وليلا لفواتح طوابير الذين رحلوا، بانتظار ان نزور ترابهم بالعيد ونبلله بدموعنا لنسقي بها شجيرات الآس حول القبور التي تنتظر البكاء.
هل سيحتفل بعيد الضِحية الذين راحوا ضَحية حريق المستشفى وهل سيشعلون الشموع في سماواتهم، أم أن أيديهم عاجزة عن اشعال شمعة، لانها أحترقت بنار الظلم.
نحن لا نحتاج ان نكمل طقوسنا بذبح الضِحايا، لان ليس هناك من قدم اكثر منا ضَحايا، فأذبحونا على محراب عالم يتفرج ويتشفى بموتنا وعيدهم سيكون بالتأكيد سعيد.