متابعة/ إياد الصالحي
72 ساعة مرّت على إيقاد العاصمة اليابانية طوكيو شعلة الدورة الأولمبية الصيفية الثانية والثلاثين، والتي تستمر حتى الثامن من شهر آب المقبل، ولم تزل الدورة تواجه مخاطر الألغاء نتيجة حملات المُعارضة الجماهيرية المستمرة خوفاً من تزايد عدد الاصابات بفايروس كورونا، ومعاناة البلاد من ركود اقتصادي مخيف ضاعف من طبقات الفُقر بين الناس بحسب استطلاعات ميدانية لوسائل إعلامية عدة.
وتسعى 207 دول للمنافسة على ميداليات 33 رياضة متنوّعة بعدما استعدّت بشكل مثالي لهذا الحدث الفريد الذي تم تأجيله العام الماضي بسبب مخاطر الفايروس العالمي، فيما أكتفت بعض الدول بالجاهزية الخجولة وفقاً لطبيعة الظروف المصاحبة لها قبيل حضورها الى طوكيو.
فقر الإعداد
ويمثل البعثة العراقية في الدورة ثلاثة رياضيين هم الرامية فاطمة عباس والجذاف محمد رياض والعداء طه ياسين، سبق لهم أن تأهّلوا للمنافسة بعد اعتماد نتائج مشاركاتهم في البطولات الخاصة بالأولمبياد، فيما لم يسمح للعداءة دانة حسين بالمشاركة بعد صدور قرار اللجنة الأولمبية الدولية بإيقافها عن أي نشاط "مؤقتاً" الى حين ظهور نتائج التحقّق من قضية تناولها مادة ممنوعة ظهرت في تحاليل فحص الدم والبول بعد انتهاء مشاركتها في بطولة العرب التي جرت في تونس حزيران الماضي.
ومن المبكّر الإقرار بحظوظ الرياضيين الثلاثة في فعّالياتهم عطفاً على قوة المنافسة والأرقام المتحقّقة والأبطال المشاركين من دول متقدّمة في كل لعبة، فضلاً عن فقر إعداد الرياضيين وعدم خضوعهم الى برنامج تأهيلي سبق أن دأبت عليه اللجنة الأولمبية الوطنية في دورات ماضية، ما أدى الى اعتماد الرياضي نفسه على وحداته التدريبية وفقاً لمنهج اتحاده المركزي ومشورة مدربه الشخصي.
ما يميّز دورة الألعاب الأولمبية 32 هو تكريس الاهتمام بالمساواة بين الرجل والمرأة بموجب تعليمات اللجنة الأولمبية الدولية التي عمّمتها الى جميع الدول الاعضاء شباط الماضي وذلك باناطة مهمّة رفع علم البلد أثناء مرور وفده في حفل افتتاح الدورة لـ"إمرأة ورجل" تعبيراً عن حق المنافسة بعدالة بين الجنسين، فالتزمت عديد الدول بالتوجيه، فيما ظهرت أعلام أخرى محمولة بيد رجل أو إمرأة.
الكرة العربية
وسبق افتتاح الدورة انطلاق بعض الفعاليات، وأبرزها كرة القدم حيث يمثل فريقا مصر والسعودية أمل الكرة العربية برغم صعوبة المواجهات في مجموعتين حديديتين، إذ ضمّت المجموعة الثالثة مصر الى جانب استراليا وإسبانيا والأرجنتين، فيما تواجه السعودية منتخبات البرازيل وساحل العاج وألمانيا، وكانت الجولة الأولى قد أفضت الى تعادل سلبي مع إسبانيا بطعم الفوز للفراعنة، أسعد مديره الفني شوقي غريب، لكنه لم يخف حقيقة "رهبة اللاعبين من اسم المنافس" معوّلاً كثيراً على خدمات الثلاثي محمد الشناوي ومحمود الونش وأحمد حجازي، وستكون مباراته اليوم الأحد مع الأرجنتين بالساعة العاشرة والنصف صباحاً بتوقيت بغداد قمّة في التحدّي لاثبات حضوره والدفاع عن سمعة كرته مع ثلّة من لاعبين ماهرين يمكنهم اليوم التأقلم مع الأجواء.
ولم يكن حظّ الأخضر السعودي جيّداً مثلما طمح مدربه سعد الشهري وهو يواجه ساحل العاج في أولى مبارياته حيث خسر بهدفين لهدف في لقاء متكافىء دفع ثمن خطأ مدافعه عبد الإله العمري الذي سجّل الهدف الأول في مرماه، وستكون مباراة ألمانيا اليوم بالساعة الثانية والنصف ظهراً بتوقيت بغداد فرصة لتحسين الأداء والظهور بمستوى متميّز يُعيد الثقة للملاك التدريبي واللاعبين.
افتتاح بلا دهشة!
وتتواصل بين أروقة الإعلام في الدورة الأولمبية الانتقادات السلبية حول حفل الافتتاح الذي فاجأ الجميع بفقرات عادية لا ترتقي الى خبرات اليابانيين بصناعة الدهشة في أكثر من مجال، وخاصة عملية إيقاد الشعلة الأولمبية من قبل نعومي أوساكا أشهر لاعبة تنس في اليابان كونها خلت من أي إثارة فنية متعارف عليها في الدورات الأولمبية السابقة! إلا أن رسم صورة الشعار الأولمبي والكرة الأرضية من قبل الطائرات المسيّرة كان بمثابة اللقطة المُبهرة في الحفل الذي غاب عنه الجمهور لأول مرة في تاريخ انطلاق الدورات الأولمبية تنفيذاً للاجراءات الوقائية بعدما وصل عدد المصابين بكورونا قبل ساعات من الافتتاح الى 1359 إصابة في عموم العاصمة طوكيو و123أمس السبت ضمن محيط الدورة!
وتلفت دورة طوكيو الأولمبية الانظار الى مشاركة دول عديدة من قارات مختلفة ليس لها تاريخ طويل في الرياضة ولا بُنى تحتية رصينة ولا موارد اقتصادية حكومية تدعم برامج تحضير الرياضيين لهكذا محفل عالمي تترقبه الجماهير بين دورة وأخرى، لكن إرادة قادة رياضتها ولاعبيها أقوى من كل الظروف التي تواجههم ولديهم إصرار كبير على بلوغ منصّات التحدّي دون يأس أو خوف أو تكاسل وهي الصفات الثلاث التي كبّلت قدرات رياضيي دول عريقة فشلت بامتياز في تخطّي الأدوار الأولى في جميع المنافسات وبعضهم أكتفوا بالاستعراض والعودة بعد أيام قليلة الى الديار!
نتائج جانيرو
ومتابعة لحظوظ الرياضيين العرب، من المؤمّل أن يخطف القطري معتز برشم ذهبية الوثب العالي عوضاً عن فضية دورة ريو دي جانيرو 2016 التي ستحفّز نتائجها كل الأبطال العرب لتقديم الأفضل، وربما يختم السباح التونسي اسامة الملولي مشواره الرياضي بذهبية طوكيو لاسيما بعد عدولة عن الانسحاب، وتسعى مواطنته إيناس البوبكري لتحقيق انجاز في المبارزة، وتحلم هداية ملاك بطلة مصر بالتايكواندو بميدالية، ويحدو منتخب مصر بكرة اليد الأمل بمنافسة مشرّفة في الأولمبياد.
وأشارت الأخبار عصر أمس السبت الى أن لاعب منتخبنا الوطني بالتجذيف محمد رياض تأهّل إلى جولة ربع نهائي (التجديف الفردي) بعدما حل بالمركز الثاني في تصفيات الإعادة، فيما أهدى التونسي محمد خليل الجندوبي (19عاماً) بطل التايكواندو أول ميدالية فضية في أولمبياد طوكيو لبلده والعرب بعد أن خسر نهائي وزن 58 كغم أمام الإيطالي فيتو ديلا كويلا بنتيجة 16-12.