ترجمة / حامد أحمد
عند سهل واسع مفتوح في منطقة سنجار شمالي العراق يطلق، نايف خلف قاسم، كبله البوليسي المدرب ليحوم حول منطقة جافة صبخة من الأرض الى ان يتوقف ويجلس محركا ذيله بسعادة كأنما يخبر مدربه بانه عثر على لغم.
الكلب، برانكو، قد كشف وجود شيء تحت الأرض، وعندما يتم جلب فريق إبطال مفعول الألغام للتحقق، فانهم غالبا ما يعثرون على عبوات ناسفة تعرف محليا باسم VS 500. يبلغ قطرها قدم واحد تقريبا مع غطاء بلاستيكي ووسادة ضغط في مركزها. هذه العبوة هي من بين آلاف العبوات تم تصنيعها من قبل تنظيم داعش الإرهابي وزرعها في هذه المناطق عندما سيطر على مناطق واسعة من العراق وتمركز في الموصل حيث أنشأ له ورشة هناك لتصنيعها.
يقول نايف، وهو ايزيدي من منطقة سنجار، متحدثا عن كلبه البوليسي "انا اعرف برانكو انه سيعثر على عبوة ناسفة. انا اثق به واعرف قدراته وما يستطيع فعله، انا اعتبره صديقا لي اكثر من كونه حيوانا".
وتمكنت القوات العراقية قبل أربع سنوات من استرجاع آخر معقل كان يحتله داعش في العراق وهي مدينة تلعفر وما يحيط بها. الحرب انتهت في أواخر آب 2017 ولكن مسلحي داعش وقبل انسحابهم وهزيمتهم تركوا وراءهم بلدات وقرى وضواحي في منطقة سنجار وما حولها وهي مزروعة بالغام وعبوات ناسفة تجعل مهمة ازالتها والتخلص منها صعبة وتستغرق وقتا طويلا.
لكن عملية إزالة الألغام بدأت تجري بخطوات اسرع ويرجع الفضل في ذلك الى ادخال فريق صغير من كلاب كشف المتفجرات بضمنهم الكلب برانكو الذي يشرف عليه المدرب نايف.
كلاب كشف المتفجرات هي ليست بالأمر الجديد، حيث تقوم منظمة MAG البريطانية الاستشارية في مجال كشف الألغام والمتفجرات بالعمل في شمالي العراق منذ ثلاثة عقود. وخلال سنة منذ حزيران 2020 وحزيران 2021 تمكن فريق الكلاب البوليسية العراقي من كشف وإبطال مفعول 3,540 لغما ومواد متفجرة من مخلفات الحرب، بضمنها 670 عبوة ناسفة.
فريق كشف المتفجرات الصغير الجديد المكون من أربعة كلاب بوليسية متخصصة تم جلبها من منطقة بوسنيا – هرزيكوفينا، ومن المتوقع جلب كلبين آخرين من هناك، يعمل حاليا لكشف مساحة بسعة 8 كم مربع قرب مدينة تلعفر، كانت تستخدم سابقا من قبل مسلحي داعش المنسحبين في عام 2017 كحاجز من حقل الغام.
يبدأ عمل الفريق من الساعة الخامسة صباحا ليتمكنوا من انهاء جزء من العمل قبل ان ترتفع الشمس وتصبح الحرارة عالية، حيث وصلت درجة الحرارة الأسبوع الماضي الى ما يقارب 49 درجة مئوية. ويذكر ان جميع أعضاء الفريق من الإيزيديين من أهالي سنجار.
فيان خضر خلف، 26 عاما، كانت طالبة قبل مباشرتها العمل مع كلاب كشف المتفجرات في 2017 . فهي تعمل من اجل اسناد عائلتها ماديا المقيمين في قرية سينوني في سنجار. ولكنها كباقي أعضاء الفريق الآخرين فان الدافع الذي حفزها لتولي هذه المهمة هو لتنظيف المنطقة من الألغام ليتسنى للعوائل ان تعود لمزارعها واراضيها.
تقول خلف "اعتدنا ان تكون عندنا كلاب في البيت، حيث ان عائلتي من مزارعين ومربي اغنام. هربت انا وعائلتي في عام 2014 عندما اجتاح داعش منطقتنا. ما يزال لدي افراد من عائلتي في مخيمات النازحين في إقليم كردستان، عائلتي يخشون علي بالطبع من هذه المهنة، ولكنهم فخورون بي وهذا ما يجعلني ان اواجه المزيد من التحديات".
خلف تعمل مع كلبها البوليسي منذ ان التحقت بمنظمة MAG البريطانية المعنية بإزالة الألغام. تقول خلف "العلاقة بيني وبين كلبي هي ليست علاقة بين انسان وحيوان، انه صديقي الحميم، اتمنى لو استطيع اخذه معي للبيت في نهاية الأسبوع، او ان أعيش في المقر معه".
المشرف على الفريق، سلام راشو، ايزيدي من سنجار يقول "هدفنا هو عودة الأهالي لمناطقهم واراضيهم، ليتمكنوا من زراعة أراضيهم مرة أخرى".
ويقول سلام ان الفائدة الحقيقية من هذه الكلاب هي انها تستطيع تغطية وكشف منطقة واسعة أسرع من الانسان، حيث تقوم بمسح 1,500 متر مربع باليوم. وبإمكانها أيضا المساعدة في كشف العبوات المخبأة داخل البيوت والمناطق السكنية.
تنظيف أراضي العراق من الألغام والمواد المتفجرة غير المنفلقة هي مهمة ستستغرق سنوات عديدة أخرى، ولكن على أقل تقدير الان فان هناك أراضي يتم تحريرها مما زرعه داعش بخطى اسرع بفضل هذه الكلاب البوليسية المدربة.
عن الغارديان