زاهر فليح حسنفي العراق ، هناك الكثير من المشاكل التي تقض عقول أبنائه أو حتى الشريحة الأكبر منهم ، فمنها المشاكل التي تطفوا على سطح الساحة السياسية وما يجري بها من كل أنواع اللعب السياسية التي يحاول أحد ما أن يمررها على الآخر، فقد أستخدم الساسة العراقيون كل أنواع الخدع السياسية وتداولوا بكامل معاجم التصريحات السياسية بل فقد يمكن اعتبارهم الأوائل في العالم في التصريحات والخطب الوطنية ،
وتراهم قد قدموا للعالم مصطلحات جديدة في عالم التصريحات الإعلامية وقد يخرج أحدهم يوماً ليؤلف قاموساً إعلامياً جديداً يحصل به على جائزة بولتيرز لأشهر الكتب ، على الرغم من أن هذا الكتاب لن يحقق مبيعاً في العراق بسبب تشبع العقل العراقي بها حد الهستيريا!ومن المشاكل ، لثقلها ، تراها لا تطفو فوق سطح البحر الهائج من المشاكل ، ألا وهي العجز بالميزانية العراقية لعام 2010 الذي بلغ أكثر من 19.5 مليار دولار ، ما معنى العجز في الموازنة ؟ العجز يأتي من كون حجم النفقات للبلد يفوق حجم إيراداته أي أن الحكومة لم توفر من مبلغ الميزانية لعام 2010 والبالغة 72.5 مليار دولار سوى 53 مليار دينار هذا من الناحية الحسابية المالية أما من الناحية الاجتماعية فأن عجز الموازنة يتمثل بالآثار السلبية التي تنجم عن السياسة المالية المتبعة وعن المنهج المتبع في إعداد الموازنة وتنفيذها، هذا عندما تكون النتائج المتحققة من وراء الموازنة والسياسة المالية سلبية أكثر منها إيجابية. وهي مشكلة كبيرة جداً والسبب في ذلك أنها تقود البلد الى التضخم والتضخم معناه أنك تحول المجتمع ، ببطىء أو بسرعة حسب نوع التضخم وإجراءات التخلص منه، إلى مجتمع الاستهلاك نوعاَ ما والتضخم هنا ليس بارتفاع الأسعار حسب ، بل هو جزء من صميم الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، والأزمات التي يمر بها كل بلد ما، انه سبب البطالة وأزمة السكن وارتفاع الأجور ، وانخفاض الغلة الزراعية بسبب إخراج مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة من الخدمة الزراعية بأسباب مختلفة أولها التقلص الواضح بالموارد المالية وآخرها عدم أنتظام السياسة الزراعية ، والتخريب والتهريب وهبوط سعر النقد المحلي في أسواق العملة، وتوقف النمو وتباطؤه، وعدم الاستقرار والفساد المالي وهي الآفة الأكبر لدينا في العراق الآن ، وعلى العموم فأن آثار التضخم واضحة للعيان بجدية بالغة في العراق وليس من الحكمة إخفاؤها فهي ليست عيباً في بلد مثل العراق الذي يعاني ما يعانيه سياسياً واقتصاديا وعدم انتظام عقد الحكومة بشكل منظم مع زخم التهديد الإرهابي والسياسي الذي يَطاله منذ بدء العملية السياسية فيه والتي قد يضحي من أجلها الشعب والحكومة على حد السواء ولفترات طوال لحين استقرارها وتلك أسبابها معروفة وليست خافية فالنظام الاقتصادي يتبع النظام السياسي ولا يتقدمه مطلقاً فالنظم السياسية هي التي تبتدع النظام الاقتصادي لبلدانها فما من بلد اشتراكي أختار نظاماً اقتصاديا رأسمالياً والعكس صحيح. وعلى العموم فأن المدرسة الماركسية قد وضعت تفسيراً للتضخم أراه قريباً من نوعية التضخم الموجود في العراق فقد شددت هذه المدرسة على تحديد حركة اسعار السلع والخدمات ، اي ان ارتفاع تكلفة انتاج السلع والخدمات يؤدي الى حدوث التضخم، وهو مايريده أصحاب رؤوس الأموال دائما لرفع أرباحهم من خلال رفع الاسعار ما يؤدي الى التضخم. في ضوء هذه الأطروحات يبدو ان التضخم هو الارتفاع المتزايد في اسعار السلع والخدمات، سواء كان هذا الارتفاع ناتجاً عن زيادة كمية النقد، بشكل يجعله اكبر من حجم السلع المتاحة والعكس اي انه ناجم عن زيادة في الانتاج فائضة عن الطلب الكلي، او بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج ونحن في العراق لا نعمل بالشطر الثاني أي زيادة الأنتاج فقد دأبنا على تدمير صناعتنا الوطنية في ظروف توقفها الإجبارية التي رافقت سقوط النظام السابق وتدمير البنية التحتية للبلد بفعل العمليات العسكرية وعمليات السلب والنهب التي طالت مكائن ومعدات تمثل عصب الصناعة في البلد ، لذا كان الأستيراد السريع غير المبرمج هو حل وقتي للغياب القسري للصناعة الوطنية على الرغم من أن له الفضل الكبير في ديمومة الحياة ، فقد عطلت الحرب حتى القطاع الخاص بمصانعه البسيطة مما أدى بأصحابه فقدانهم لأموال الأستثمار التي وضعتها فيها وتعرضت مصانع شتى للخسارة الكاملة بسبب الديون المستحقة عليها وفقدانها للمواد الأولية والمكائن اللازمة للأنتاج .. كما أن إغراق السوق العراقية بالبضائع المستوردة على الرغم من انخفاض نوعيتها الأثر البالغ في تسرب العملة الصعبة (الدولار ) ناهيك عن الجشع الذي يرافق كل عمليات الاستيراد دخل سبباً مباشراً في زيادة هذا التضخم وبناء قبر الصناعات الوطنية من جانب وفي توسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء من جانب آخر . فلو أخذنا على سبيل المثال سلعة ما متداولة وراقبنا حركة سعرها لفترات متفاوتة نلاحظ تسارع سعرها بفترات قياسية على الرغم من المستورد يؤمن مبالغها بسعر الصرف الرسمي للبنك المركزي العراقي ومع ثبات سعرها في الأسواق العالمية فأن هذا أدى فعلياً إلى تدنٍ واضح مستمر لقيمة العملة تجاه أسعار السلع والخدمات أيضاَ ، كذلك فإن تعطيل الطاقات المتيسرة في البلد من موادر بشرية وثروات مادي
البعد السياسي وأثره على عجز الموازنة العامة
نشر في: 31 مايو, 2010: 04:46 م