عمـار سـاطع
لا شيء أبلغُ من تلك الصورة التي ظهر فيها وفدنا الأولمبي وهو يدخل في طابور استعراض الدول المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، الجارية أحداثها الآن!
نعم.. لا شيء أبلغ من تلك الصورة الهزيلة، في مشاركة عراقية هي الـ 19 في تاريخ مشاركاته الأولمبية التي لم تنقطع، لكن هذه المشاركة تعتبر الأفقر من حيث عدد الرياضيين!
قد يسوّغ الكثير لما حدث من تدنٍّ غير مسبوق في واقع رياضتنا، وربّما يتطرّق البعض الآخر الى مبرّرات يدافع فيها عن هذه المشاركة وما آلت إليه من صورة شوّهت ما تبقى من رياضة العراق الأولمبية، متعكّزاً على شمّاعة التدهور الحاصل في قطّاع الرياضة، أو الى تداعيات أثّرت بشكل أو بآخر على تمكين الرياضيين من الدخول في ألعاب وفعّاليات كان العراق أجدر بالمنافسة فيها، بمقابل الصراعات التي نشبت بين أطراف وشخصيات في فترة انتخابات المكتب التنفيذي وأهمل من هُم أجدر بتمثيلنا في دورة أولمبية تجمع أبناء المعمورة وينتظرها العالم كل أربعة أعوام!
غير أن المنطق يفرض علينا أن نكون واقعيين وأكثر صراحة.. إذ أنه من غير المُمكن تقبّل ما حدث من تراجع وانهيار في رياضتنا بدليل الاكتفاء بتواجد ثلاثة رياضيين فقط ليكونوا سفراء الوطن في محفلٍ يُعد الأكثر تميّزاً في عالم الرياضة، في وقتٍ كان يفترض بالمكتب التنفيذي للجنة الأولمبية أن يخطط وفقاً لبرنامج علمي ومدروس بإتجاه زيادة أعداد المشاركين عبر الحصول على البطاقات المجانية، لا أن يرفض الزجّ برياضيين بحجّة عدم تحقيق النتائج المرجوّة، وكأن الأمر يُعنى بخطف الميداليات والتنافس عليها قريب المنال!
للأسف فإن الأولمبية لم تُفكّر بشكل عملي، وأكتفت بالتواجد في مشاركة تدرك تماماً بأنها بائسة، بدليل أن رئيس اللجنة تهرّب من مسؤوليته الأولى عبر تصريحه الناري مع انطلاق منافسات الدورة، بالقول إن “المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية غير مسؤول عن مشاركة الرياضيين في دورة طوكيو، وإن الاتحادات الرياضية هي المعنية بالأمر في تأهيل الرياضيين وإعدادهم فنياً”! تصريح يجيز للجنة الأولمبية بعدم وجود دور لها في مشاركة رياضييها بدورة الألعاب الأولمبية ويؤكّد على وجود فارق شاسع في مستوى التواصل والارتباط الإداري أولاً والفني ثانياً بين الاتحادات الرياضية والمكتب التنفيذي!
وهنا نطرح التساؤلات التالية: كيف يمكن أن يُدار المكتب التنفيذي للجنة الأاولمبية بهكذا صورة غير فعّالة وغير مُجدية وهو الجهة التنظيمية والراعية للمشاركات العراقية في دورات الألعاب الأولمبية ودورات الألعاب الآسيوية والدورات العربية ودورات التضامن الإسلامي، وغيرها من تجمّعات تنافسية لفعّاليات رياضية مختلفة؟ وما دور المكتب التنفيذي إذا كان غير قادر على الأداء بالشكل الأمثل؟ هل أصبح المكتب التنفيذي واجهة فقط، دون فعل أو عمل؟ وأين دور اللجان العاملة من فنيين وخبراء ومستشارين أكاديميين وأصحاب خبرة من أولئك الذين كانت الأولمبية تتبجّح بوجودهم وتمنحهم أدواراً هنا وهناك بهدف التخطيط وإعداد برامج تتوافق مع معايير إعداد الرياضيين الأبطال وإيجاد المواهب وخلق بطل أولمبي؟!
في الحقيقة أن اللجنة الأولمبية تعيش في وادٍ بعيد كل البُعد عن عملها الفعلي.. فهي لا تفقه في عملها الأساسي.. ولا تريد أن تفهم دورها الحقيقي، بعد أن ابتعدت كثيراً عن أهدافها وتناست بشكل او بآخر أن وجودها هو الارتقاء بالعمل وتحسين صورة المستوى الفني للرياضيين والاهتمام بالأبطال وتوسيع رقعة التواجد في الفعّاليات والإسهام في ولادة المواهب بمختلف الألعاب وزجّهم في معسكرات تدريبية وايصالهم الى المنافسات الأولمبية!؟ بيد أن كل ذلك لم يتحقق بسبب اهتمام المسؤول الرياضي بصراعات الانتخابات واعتبار المكوث على عرش الأولمبية أو مقاعد المكتب التنفيذي أهم من البحث عن انجاز رياضي.. وهذه هي الحقيقة المُرة التي لا يريد إلا القلّة القليلة ذكرها!
نقطة الخلاف الواقعية، اليوم، بين المتأثرين بما حصل وبين اللجنة الأولمبية، هو المشاركة الخجولة والنتائج الفقيرة.. بينما ترفض الأولمبية الاعتراف بما حدث من (مهزلة) مشاركة طوكيو.. مثلما ترفض تماماً التطرّق الى ما جرى من خيبة للآمال سُجّلتْ في التأريخ.. تاريخ رياضتنا الذي يمتد الى العام 1948!