TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: اني اتهم العيداني

العمود الثامن: اني اتهم العيداني

نشر في: 28 يوليو, 2021: 11:32 م

 علي حسين

لو أن حفلة تعذيب مواطن وقتله بدم بارد في مركز مكافحة إجرام البصرة تمر، من دون عقاب صارم لمنفذيها، فقد لا نستبعد أن تتحول مراكز الشرطة إلى دوائر تنفيذ الأحكام بحجة أن شرطتنا المغوارة تريد الحفاظ على السلم الاجتماعي، تنفيذ القانون على طريقتها الخاصة .

الخبر الذي نشرته وسائل التواصل الاجتماعي يقول: إن شابا من أهالي البصرة اسمه، "هشام محمد" تم اعتقاله لتشابه اسمه مع اسم شخص آخر متهم بجريمة قتل، ولأن الشرطة لا مجال عندها للبحث عن الحقيقة، فإن أقصر الطرق هو إقامة حفلة تعذيب حتى يلفظ هذا المشتبه به أنفاسه.

ما بين بيان شرطة البصرة التي أخبرتنا أنها ستحقق في الأمر، وبين بشاعة القصاص من سجين، تعيش الناس اليوم في ظل أفراد وأجهزة يعتقد كل منهم أن له الحق في تنفيذ قانونه الخاص، قد تكون هناك جرائم تستحق العقاب، لكن المؤكد أن العقوبة يجب أن تأتي بأمر من القضاء، لا بأمر من ضباط يعتقدون أنهم فوق القانون وفوق الشرائع، عندما يصر البعض على تنفيذ قانونه الخاص، فأغلب الظن أننا ننجرف إلى هاوية لا نهاية لها.

لعل الأخطر في واقعة تعذيب السجين وموته، ليس أن أفراداً من الشرطة قرروا أن يكونوا هم الدولة وهم القانون، بل هو صمت محافظ البصرة أسعد العيداني الذي يبدو أنه يعيش في كوكب آخر.

اليوم الناس تعيش في ظل أجهزة أمنية هي عبارة عن خلطة منتقاة من تم تعينها باوامر من جهات حزبية ، ولهذا نجد ولائها للهذه الاحزاب وليس للقانون ، كما ان مؤهلات البعض من قوانا الأمنية مجموعة من العبارات المحفوظة في علب قديمة من عينة "وين رايح"، "الأخ من يا عمام"، فتشعر أنهم جميعاً، يرددون هتافاً واحداً، ويرتدون ثوباً واحداً، وفي يد كل منهم عصا غليظة يخرجها في اللحظة التي يشم فيها رائحة اختلاف مع ممارساته اللاشرعية.

لقد عملت البشرية منذ عقود على اختراع اسمه الدستور الذي هو عقد اجتماعي بين المواطنين جميعاً، ينتقل من خلاله المجتمع من حالة الفوضى واللاقانون، إلى حالة النظام والتحضر والعدالة التي تطبق على الجميع، وهذه هي الضمانة الوحيدة لاستمرار الحياة، ومن دون ذلك سيتحول المجتمع إلى غابة يفرض فيها القوي قانونه الخاص على الضعفاء.

قبل اشهر قررت ولاية مينيسوتا الأميركية دفع مبلغ وقدره "27 مليون دولار" تعويضاً لعائلة جورج فلويد.. وأتمنى عليك، عزيزي القارئ، ان لا تطالب محافظ البصرة بان يدفع تعويضا لعائلة المقتول .. فقط ان يخرج علينا يستنكر مثل هذه الجرائم ويدين ما يجري في محافظته من جرائم وعمليات نهب .. وذلك اضعف الايمان .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram