قارئ عزير أرسل رسالة يسأل فيها صاحب العمود الثامن هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم يحن للماضي؟ ياسيدي أنا مع قارئاتي وقرّائي فقط.. ولهذا أتمنى عليك أن لا تصدق كاتباً يقول لك أنا لا أعرف لمن أكتب، كان محمد الماغوط محباً لوطنه وشعبه، لكنه في لحظة من الغضب هتف عالياً "سأخون وطني" فهو عاش الحزن، وذاق مرارة السجون، وكان أجمل ما فيه سخريته من كل شيء، من الوطن الذي أراد له الساسة أن يتحول إلى سجن كبير، من الأنظمة التي ترفع شعار "من المحيط إلى الخليج" في الفضائيات فقط .
في منتصف الستينيات أطلق كاتب اسمه ريتشارد باخ نشيداً للعدالة والحرية أسماه "طائر النورس ليفنجستون" قرأناه في الثمانينيات، يروي باخ في كتابه الصغير، مغامرات نورس صغير، يتمرد على حياة النوارس الرتيبة ويقرر أن يحلّق عالياً ليجرّب فنون الطيران السريع، بدلاً من السعي وراء السفن انتظاراً لما تُلقيه في البحر من بقايا وفضلات الطعام كما يفعل أقرانه كل يوم. حيث يكتشف أنّ السعادة الحقيقية في الحرية، وأنّ الحرية لا تمنحه القدرة على التحليق عالياً فقط بل منحته حياة أفضل بكثير، شيء واحد كان ينغّص عليه حياته الجديدة،هو سوء الظن الذي يحمله بعض النوارس تجاهه، وقد تنامى سوء الظن هذا حتى يُفاجأ بأن الجميع غاضبون منه، لأنه تجرّأ على مخالفة تقاليد مجتمعه! ويصرخ بهم: "يا أصدقائي تتهمونني باللامسؤولية، مَنْ يمكن أن يكون مسؤولاً أكثر من نورس يبحث عن طريقة ترفع مستوى حياة قومه مراتب أرفع من مجرد الأكل والنوم؟ أعواماً طويلة قضيناها لا نفكّر إلاّ بأكل الفضلات، أما الآن فلدينا سبب جديد نبيل لنحيا.. لنتعلم، ولنكن أحراراً.. إمنحوني فرصة أُعلّمكم فيها معنى أن نحلّق باتجاه الحرية والمحبة"، وذات يوم يسأله نورس صغير: كيف تستطيع أن تحبّ الذين حاولوا قتلك؟ يردّ جوناثان: أواه ياصديقي، أنا لا أحب الكراهية والحقد، ولكنني أحب الخير وأحسّ بأنّ من واجبي أن أساعد على إدراك معنى الحب في دواخلنا .
هل نحن نكتب من أجل أن يكون لدينا في حكومتنا العتيدة نموذج مثل رئيسة وزراء نيوزيلندا؟، لا. سوف يكون عندنا "روزخونية"، وأعضاء برلمان بلا حرص وطني وبلا كفاءات، وسوف يكون لدينا من يعتقد أن وجوده في حياتنا "هبة" ربانية، وأنه ثروة وطنية، لا يمكن مقارنتها بمئات المليارات التي نهبت .
عندما يتوقف الكاتب عن الشغف بالناس البسطاء، يجب أن يترك هذه المهنة .
جميع التعليقات 1
عادل النعيمي
ابق نورسا عالياانت اول من اقراه في المدى الغراء