TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > شهادة حول جريدة المدى

شهادة حول جريدة المدى

نشر في: 4 أغسطس, 2021: 10:58 م

 شاكر الأنباري

لا يمكن فصل تأسيس جريدة المدى في بغداد عن المشروع الثقافي التنويري لدار المدى عموما. وقد انطلقت آنذاك في دمشق كدار نشر طبعت مئات العناوين المميزة، وأقامت كثيرا من المهرجانات ومعارض الكتب. وتزامن ذلك مع إصدار مجلتين مهمتين هما مجلة "المدى" ومجلة "النهج". وقد جاء انطلاق جريدة المدى في بغداد عام 2003 تتويجا لذلك المشروع المتميز عراقيا وعربيا، وفي سنوات رافقتها أحلام ضخمة لتغيير وبناء الإنسان العراقي من جديد.

ومنذ تأسيسها تبلورت لهذا المشروع رؤية واضحة عما يعيشه البلد، وتلك الرؤية هي التنوير، والحداثة، والانحياز إلى الشارع وإنسانه المقموع طوال عقود من الزمن. عمدت جريدة المدى إلى فتح النوافذ واسعة على الواقع العراقي الجديد، بجوانبه الثقافية والسياسية والفكرية، حيث فاقت حرية النشر في الجريدة مثيلاتها من الصحف التي صدرت في العراق، وجاءت متحررة نسبيا من الولاءات الحزبية، والطائفية، والقومية. فكانت صفحاتها الثقافية قد أشرعت على ثقافة العراق الوطنية الطامحة إلى التخلص من إرث الديكتاتورية وقمعها للرأي والرأي الآخر. كما سلطت تحقيقاتها المهنية الضوء على ظواهر المجتمع بحرية تامة، فيما ضخّت صفحة أفكار مختلف المقاربات في تناول الحالة الفكرية، والسياسية، والعلمية، سواء في بغداد أو المحافظات. وقد تميز معظم العاملين في جريدة المدى، ومنذ انطلاقها، بالمهنية العالية، وسعة الأفق، والثقافة الرصينة المنفتحة التي وجدت بيئتها المناسبة في أحضان الجريدة. إذ كان الطاقم، بكل تخصصاته، يسعى للوصول إلى حالة مثلى لمواصفات أي جريدة ناجحة. تتكامل فيها اللغة الصحافية مع الصورة والإخراج، وصولا إلى تنقية الصفحات من الأخطاء النحوية والمطبعية. وهو اهتمام قلما يجده القارئ في الجرائد الأخرى التي صدرت في تلك الفترة. وكانت الصفة الغالبة للجريدة بين القراء، والمهتمين، والمحترفين، هي أنها تمتلك مصداقية عالية، سواء في نقل الخبر أو التحليل. لا تضلل قراءها، ولا تحاول مخاطبة جهلهم أو استغفالهم. وظل التنوير هو الرسالة. كما جاءت تلك المصداقية من تحلل الجريدة من ولاءات ضيقة ظلت سائدة في معظم الصحف، لذلك كان طموح عدد كبير من الصحافيين الشباب، والمثقفين الجدد، هو العمل لدى الجريدة، فالعمل فيها يعتبر تزكية مهنية وفكرية وثقافية لمن يجد فرصة في مكاتب الجريدة. إن أي باحث يروم تتبع الأحداث بعد 2003، يمكنه أن يجد في أعداد جريدة المدى، منذ تلك السنة وحتى اليوم، بوصلة حقيقية لتفاعلات العراق على الصعد كافة: اجتماعية وسياسية وثقافية وفكرية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حميد النوستراداموس الهايس

العمودالثامن: في الحاجة إلى مسؤول شجاع

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: في البحث عن عيد وطني

العمودالثامن: كيف تتخلص من مسؤول مشعوذ؟

العمودالثامن: الرياض تقرأ

 علي حسين لا يتوقف معرض الرياض الدولي للكتاب عن مطاردة القراء وملاحقتهم من خلال غابة الكتب التي توسطت جامعة الملك سعود بن عبد العزيز . عناوين تقول كلاماً واحداً " إقرأ" ، فيما...
علي حسين

كلاكيت: الوثائقي المتخيّل كاميرا بعين مليئة بالخوف

 علاء المفرجي امرأة تبرز بين الجموع، وخلفية الصورة أنقاض بناية تنهار بفعل صاروخ قبل دقائق، المرأة تولول وتصرخ باحثة عن طفليها، المتلقي يعرف انها من سكان البناية المتهاوية، لكنها كانت خارجها من اجل...
علاء المفرجي

واشنطن ودعم الانقلابات القاتلة: ايران 1953

د. حسين الهنداوي (1)خلال فترة ما يعرف بالحرب الباردة (1945-1990) لحماية وتعزيز مغانمهما الكبرى في الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وبينما ركز الاتحاد السوفيتي على دعم الاحزاب الشيوعية الموالية له حول العالم ، ركزت الولايات...
د. حسين الهنداوي

الجهلاء لا يدركون جهلهم

د. محمد الربيعي كيف اظهر لنا "تاثير دانينغ-كروجر" ان الجهلاء ليس لديهم ادنى فكرة عن مدى جهلهم. يتساءل الفيلسوف الشعبي البارز ويليام باوندستون عما اذا كنا نبالغ في القلق بشان زيادة الجهل.في هذا المقال،...
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram