عمـار سـاطع
تحتفل مؤسسة المدى للثقافة والفنون بايقاد الشمعة الـ 19 في ذكرى تأسيس صحيفة المدى اليومية الغراء، حيث يصادف اليوم الخامس من آب ولادة صحيفة، فرضت نفسها وأكدت مكانتها لتتواجد بقوة مع بقية الصحف.
المدى، الصحيفة، شكلت احدى العلامات الفارقة في دُنيا المطبوعات المحلية التي برزت وتفوقت بعد التغييرات السياسية، بل احدثت في تواجدها نقلة نوعية مهمة من حيث قول الكلمة المعبّرة والرأي السديد والمحتوى المهني ورصانة الاختيار وطريقة النشر والنهج الذي دأبت أن تخطهُ لنفسها.
وكان من الطبيعي أن تسجّل، رياضة المدى، نهجاً اصلاحياً واضحاً من خلال متابعات الزملاء وانتقاداتهم المهنية اللاذعة للاخطاء وكلماتهم المُعبرة التي أثرت في الكثير من دوائر الرياضة العراقية منها وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية والاندية والاتحادات والمؤسّسات المرتبطة وغيرها من مواقع!
لقد أسس الزملاء من خلال تناولهم المواضيع وحواراتهم مع الشخصيات المعروفة بصمة واقعية وهوية مؤثرة بين بقية الصحف الرياضية أو صفحات الرياضة في الجرائد اليومية، وكان لاسلوب الكتابة وتشخيص الخلل والتركيز على الاخطاء وعرضها بطريقة مؤثرة فضلاً عن إيجاد الحلول الناجعة لمواقع العلل، خصوصية واضحة لصفحة المدى الرياضية!
وهنا لا يمكنني أن اكيل المديح لاقلام زملاء عملت معهم، وأمضيت سنوات طويلة في معرفتهم، لكن الحقيقة تفرض عليّ أن اكتب عن وقائع الشموع التي توقد لتضيء درب المهنية حيث الكلمة ومسؤوليتها، مثلما عليّ ان أكتب عن دموع لم تجف بَعد لرحيل من هُم كان لهم دوراً في الارتقاء بقسمٍ مهمٍّ في مؤسسة تُعنى بالعمل الصحفي الرصين.
وحينما نستذكر انطلاقة المدى، فإن شموع الولادة تجعلنا ننثر دموع الأسى لرحيل أثنين من الزملاء الكفوئين والعاملين المهمّين وهُما الزميلين حيدر مدلول الذي رحل مطلع شهر حزيران نتيجة أزمة صحية حادّة ولحق به قبل يومين الزميل طه كُمر، الذي عمل حتى العام 2016 في الصحيفة، نتيجة مضاعفات اصابته بفايروس كورونا.
خسارة غياب، مدلول وكُمر، برحيلهما الى جوار الباري عزّ وجل، عميقة وكبيرة، كونهما كانا من بين الأقلام المؤمِنة بالتنوّع في إيجاد المواد الصحفية المختلفة الى جانب التغيير الفعلي في إبراز دور المهمّشين وتسليط الضوء على مَن لم يجد ضالته الصحفية في احقاق مكانته الفعلية، وهو ما كُنا نجده في صفحات رياضة المدى طيلة فترة تواجدها المميز!
ربما انني من بين الكُتاب المحظوظين الذين يكون يوم مقالي المخصّص بالاتفاق مع الزميل العزيز إياد الصالحي أن يكون هو ذات اليوم الذي تولد فيه صحيفة المدى.. والذي يعود ارتباطي بها منذ انطلاق الملحق الرياضي أواخر العام 2003، ثم استمر عملي ككاتب مقال في مطبوع المؤسّسة الشهري مجلة (حوار سبورت) بمعية الزميل المخلص الذي يحمل شهادة الكفاءة المميّزة في العمل، إياد الصالحي، قبل أن أعود لأكتب في الصحيفة أسبوعياً.
ليس من باب الاطراء أن اكتب عن هوية، رياضة المدى، التي شكّلت دعامة مهمّة للسلطة الرابعة في هذا القطاع، بل كان الزملاء الذينَ كتبوا في الصفحات الرياضية مؤثرين بنحوٍ كبير ومتعمّق من خلال ما يطرحونه من مواضيع وتسابقهم على نقل الاحداث الى القرّاء والجمهور الرياضي بطريقة تُميّزهم عن الكثير من الصفحات الأخرى، مثلما شكّلوا فريق عملٍ ناجح!
ما تفوّقت به، رياضة المدى، هـو تمسّكها بالموضوعية ووقوفها على خط واحد من الجميع وتجرّدها التام عن التأثيرات واحترامها للكلمة وإيمانها بالكشف عن الكثير من القضايا العامة والمهمّة، مثلما أكدت عدم انحيازها لجهة على حساب جهة أخرى.. وهو ديدن انتهجتهُ وكان نقطة الشروع في رسم ملامح إبداعها الصحفي.
تحية احترام وتقدير لكل من عَمِلَ في رياضة المدى وظهر اسمهُ في صفحاتها.