علي النعيميمَن منا لم يعد عدته قبيل انطلاق كأس العالم أولم تأسره طقوسها الساحرة بكل ما تعنيه الكلمة لن نبالغ إذا قلنا لكل مشجع سننه الرياضية الخاصة توارثها من الاجيال السالفة سابقاً كنا لا نتمنى أن يحين موعد المونديال مع امتحانات (البكالوريا) لأنه سيحول شهر الطالب الممتحن إلى محنة حقيقة إما مونديال الأرجنتين 78
فقد جاء بتقليعة مشاهدة مبارياته من على سطوح البيوت او في حديقة البيت بعد سقي الأشجار المحيطة بها كلله انتشارالتلفزيون الملون آنذاك مروراً بمتعة الفرجة عبر المحطات (المحلية) وانتهاءً بالشاشات العملاقة التي كسرت طوق التشفير.قبل أيام وخلال محادثتي (الماسنجرية) مع احد مدربي الأندية العراقية ولحظة سؤالي له عن استعداداته النفسية بصفته مدرباً يتطلع دوماً لرؤية كرة حديثة وللأمانة أقول لم يدر بخلدي أبدا بأن سؤالي هذا سيحول مسار حوارنا الالكتروني لحالة من حالات جلد الواقع لأن استذكار هكذا حدث سحبت معه معاناة العراقيين ومنهم الرياضيون تحديداً. يقول صديقنا والكلام على عهدته: لا أظن إننا كمدربين سوف نستمتع بمشاهدة كأس العالم القادمة فمن أين لي البدء بسرد معاناتنا؟ هل أحدثك عن مشاق أطول دوري في العالم أم بأدواره المتعبة! التي قطعا ستقف حائلاً إمام رغباتنا المجنونة لمشاهدة الكرنفال الأفريقي وأخشى ما أخشاه إن تتكرر معي مرة أخرى تلك الحادثة التي جرت أثناء تصفيات منتخبنا في كأس العالم.تنهد زميلنا الشاكي والمشتكى لله وحده ليتابع حكايته:أنهيت الوحدة التدريبية لفريقي لأدرك وقت المباراة وإثناء عودتي حدث عمل إرهابي وانقطعت كل الطرق وانتظرت لساعتين في قيظ الحر اللاهب من اجل إن أجد مخرجاً يقودني صوب بيتي وقبل وصولي الدار أستبشرني جاري مبتسماً قائلاً:لا توجد كهرباء"وطنية"وأن مولدة الشارع (السحب) عاطلة أيضا استدرت بسيارتي نحو احد البائعة وجلبت منه 10 لترات من البنزين وبذات ملابسي قمت بتدوير مولدة البيت فلم تدر ابداً وبعد التمحيص اكتشفت بأن (الكرت) محروق فرجعت إلى اقرب وكيل الذي فاجأني بعدم امتلاكه لهذه النوعية ونصحني بالذهاب إلى مجمع (السنك) عدت بعدها لبيتي المظلم الذي يشع حرارة خائباً وملتاعاً بهموم واقعنا ليخبرني بعدها شقيقي عبر الموبايل بخسارة منتخبنا!هذا السيناريو الفته العائلة العراقية يومياً فما بالك بأننا سنحرم من رؤية كأس العالم كونها أضحت مشفرة! فعن أية طقوس تتحدث يا صديقي!؟ وعذراً لصراحتي بدأنا نحسد كل عراقي مغترب حتى لو كان في"تنزانيا"على نعمة الكهرباء فقط لا غير لكن امتعاض هذا الصديق فسر لي بوضوح حادثة مباراة نهائي دوري إبطال أوروبا الأخيرة إذ اتصلنا بالمدرب الصديق فارس جهاد نستطلع رأيه عن ابرز تكتيكات مورينيو الخططية فأجابنا بلغة شابها الجزع والملل قائلاً:آسف لا توجد كهرباء ومولدتي عاطلة وانا الآن ابحث عن تكتيكات جديدة للتخلص من هجوم الحر والحد من تسلل الغبار القاتل!نقول كان الله في عون أبناء بلدي الحبيب الصابرين على محنهم المتجددة، فلو كان العالم الكهربائي (إديسون) حي يرزق معنا ورأى بعينيه الثاقبتين لوعة أبناء ثاني دولة نفطية بالعالم لأنتفض لذاته وأبتكر شيئا غير الكهرباء يرح به ضميره مجدداً وليخلصنا من عذابات الالكترونات المفقودة قبل ان يغمض جفنيه ثانية باكياً على حالنا بعد ما علم بأن المقاعد المكشوفة في الملاعب القطرية تم تزويدها مؤخراً بأجهزة تبريد ذاتية التحكم بينما لا نزال في بيوتنا مدمين على المروحة اليدوية عفواً (المهفة)!
رؤى بلا حدود: معاناة رياضي مونديالي
نشر في: 1 يونيو, 2010: 04:43 م