د. فالح الحمـراني
لا يمكن اعفاء العراق كدولة عن جريمة اغتيال المواطن العراقي على الحدود اللتوانية / البيلاروسية الاربعاء الماضي. وأغتيل المهاجر البالغ من العمر 29 عاما وهو يحاول مع المئات من العديد من البلدان، وعدد غفير من العراقيين، الدخول الى اراضي ليتونيا للعبور الى دول اللجوء في اوروبا بحثا عن ملجأ يوفر له الأمن والسلام والحياة الكريمة التي عجزت بلاده "بلاد الرافدين" عن توفيرها له، كما هي تعجز عن تحقيق ابسط متطلبات الحياة للملايين من مواطنيها.
ان الدولة العصرية مسؤولة عن مواطنيها وسلامتهم وكرامتهم اينما حلوا، ان الدول التي تحترم نفسها وسمعتها تهب بكل قوتها لرفع الضيم عن مواطنها اينما كان. فهل ستحدد الحكومة ومجلس النواب والجهات المعنية الأخرى من الذي وقف اغتيال مواطنها؟ وهل ستعيد مواطنيها الذين وجدوا نفسهم في العراء وفي ظروف معيشية لا انسانية على حدود ليتونيا، واصبحوا ورقة في لعبة سياسية قذرة بين ليتوانيا وبيلوروسيا.
ويرسم المهاجرون صورة قاتمة عن الوضع في العراقي، صورة يمكن ان يندى لها جبين اية حكومة في اكثر الدول تخلفا وفقرا ونظام سياسي سيء، صورة توضح ان العراق لم يعد مكانا صالحا للعيش، وان القيادات التي تمسك بزمام الأمور غير مؤهلة على إدارة البلاد. ونقلت وسائل الإعلام الدولية عن عراقيين قولهم : هناك يقتلون، وليس ثمة فرص عمل، ولا حياة كريمة.
ونقلت صحيفة كوميرسانت الصادرة في موسكو عن احد المهاجرين قوله إن هجرة العراقيين لن تتوقف. حتى إذا كان هناك خطر الموت ، فسوف يخاطرون ويذهبون حيث توجد فرصة لحياة أفضل. وسيكونون مستعدين لدفع المال مقابل ذلك. يقولون إنهم إذا بقوا في العراق سيموتون. ونقلت عن مصطفى سعدون ، رئيس المرصد العراقي لحقوق الإنسان قوله: "إنهم يهاجرون حتى لا يموتوا هناك". واضافت الصحيفة : أن الاحتجاجات ضد الفساد والبطالة لم تتوقف في العراق منذ خريف 2019. الوضع الاقتصادي في البلاد آخذ في التدهور وكذلك الوضع الأمني. وبحسب مصطفى سعدون ، فإن الجميع في البلاد (خاصة الشباب) يحلمون بالمغادرة ، لأنهم "لا يرون المستقبل في العراق".
لقد أدت أزمة الهجرة على الحدود البيلاروسية الليتوانية إلى وقوع أولى الضحايا. وبحسب مينسك ، فإن المواطن العراقي تعرض للضرب على أراضي ليتوانيا و "مات في أحضان حرس الحدود البيلاروسيين".
وأعلنت السلطات الليتوانية ان وفاته كان استفزازا من مينسك ، ودعت الإتحاد الآوربي إلى أعتماد عقوبات جديدة ضد بيلاروسيا . في غضون ذلك أصبح حرس الحدود في ليتوانيا أكثر قسوة، حيث يقومالآن بطرد المهاجرين غير الشرعيين.
وذكرت لجنة حدود الدولة في بيلاروسيا الاربعاء الماضي : " تم العثور ليلاً، بالقرب من الحدود البيلاروسية الليتوانية في منطقة قرية بينياكوني على رجل ذو مظهرغير سلافي ،وتم تقييم الحالة اوليا على أنها خطيرة جدًا. " وقدم حرس الحدود البيلاروسي الاسعافات الاولية على الفور لكن رغم ذلك فقد فارق الرجل الحياة ". وحددت الجهات البيلاروسية المختصة أن المغدور به مواطن عراقي.وتجدر الإشارة إلى أنه تم تعيين فحص طبي شرعي لتحديد السبب الدقيق للوفاة ، وحسب الجهات البيلاروسية فقد تم تأكيد حقيقة الموت بوسائل العنف". وبحسب لجنة التحقيق ، فقد فحص المحققون مكان الحادث ، وسجلوا صورة أثار ضرب، واستجوبوا الشهود ، بمن فيهم موظفو لجنة حدود الدولة وسكان محليون.
وتحدث وزير الدولة لمجلس الأمن البيلاروسي ألكسندر فولفوفيتش عن الحادث بشكل أكثر عاطفية: "لقد تعرض الرجل للضرب، لدرجة أنه مات عمليًا في أحضان حرس الحدود ... فقط الفاشيون فعلوا ذلك. ونحن نتحدث عن نوع من القيم الديمقراطية ، عن نوع من العلاقات الطبيعية مع دول الجوار؟ ". وفتحت لجنة التحقيق في بيلاروسيا قضية جنائية تتعلق بقتل المواطن العراقي على الحدود البيلاروسية الليتوانية ، وأكدت بالفعل حقيقة اغتيال رجل يسعى للهجرة بصورة قاسبة، حسبما ذكرت الخدمة الصحفية للوزارة يوم الأربعاء.
والقت ليتونيا المسؤلية على الجانب البيلاروسي وقال رئيس وزارة الدفاع الليتوانية أرفيداس أنوشوسكاس "توقعنا استفزازات من هذا الطراز من النظام البيلاروسي" ،. وأشارت رئيسة الوزراء إنغريدا سيمونيت إلى أن "المسؤولين الليتوانيين ، يراعون في أداء واجباتهم ، التزاماتهم والتزامات الدولة. وسلطات بيلاروسيا مسؤولة عن من وأين وجد على أراضي بيلاروسيا ”.
وعلى خلفية تلك التطورات الماساوية ، أصبحت ممارسات حرس الحدود الليتوانيين أكثر قسوة في الأيام الأخيرة. وإذا كانو قد قبلوا في وقت سابق المهاجرين القادمين من بيلاروسيا إلى بلادهم ، فهم يحاولون الآن إعادتهم من حيث جاءوا. وكان قد وصل يومياإلى ليتوانيا في الأسبوع الماضي من 150 إلى 170 شخصًا،فيما لم يصل يوم الثلاثاء الماضي سوى 35 شخصًا. وفي الوقت نفسه ، قال روكاس بوكينسكاس ، الملحق الصحفي لدائرة حرس الحدود الليتوانية أن 180شخصًا على الأقل أُجبروا على العودة إلى بيلاروسيا. بعد ذلك ، نشرت لجنة حدود الدولة في بيلاروسيا مقطع فيديو يُظهر تعرض المهاجرين لإصابات من قبل حرس الحدود الليتوانيين . وكانت هناك جروح عميقة وحتى جروح ناجمة عن طلقات نارية. كما أوضحت الدائرة لاحقً ، وحسب ما ذكرت اللجنة فان هناك خمسة مصابين.
وذكرت وسائل الإعلام الليتوانية نحو مساء الأربعاء ، أنه وفقًا لمعلوماتها ، فإن المهاجرين سينتقمون لمقتل أحدهم ، أو على الأقل يريد طرف ما أن تتطور الأحداث وفق هذا السيناريو.
يُذكر ان العديد من عناوين البريد الألكتروني تلقت خطابا باسم شخص يدعى يوسف عرفات جاء فيه:. "نحن محاربي الله نعلمكم أننا سننتقم لإخواننا المسلمين. وأولاً ، نعلمكم أننا زرعنا قنابل. ويجب أن تفهموا نوايانا. سنواصل العمل دون سابق إنذار. اعلموا أنه يوجد في بلدكم الآلاف من إخواننا - أفضل المحاربين الذين لا يخشون الموت ، "كما تقول الرسالة. وتجدر الإشارة إلى أن عدد المهاجرين الذين دخلوا ليتوانيا بطريقة غير شرعية منذ بداية العام قد تجاوز 4 آلاف شخص ، ومعظمهم من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. ومع ذلك ، يتم حجزهم في معسكرات خاصة وبالكاد كان بإمكانهم تلغيم المباني المدرجة في الرسالة: مراكز التسوق ، وإدارة الهجرة ، ومكتب التسجيل ، ومكتب التحرير لبوابة دلفي الشهيرة. ومع ذلك ، قالت الشرطة أنه سيتم التحقق من جميع العناوين.
وقال نائب وزير الشؤون الداخلية في ليتوانيا أرنولداس أبرامافيسيوس أن السلطات الليتوانية حددت في الوقت الحالي ثلاثة طرق رئيسية للمهاجرين إلى الحدود الليتوانية. والأكثر شعبية هي الرحلة المباشرة بغداد- مينسك. ويمكن شراء التذكرة على موقع الخطوط الجوية العراقية مقابل 426 دولار شامل جميع الضرائب.
الرحلات - أربع رحلات في الأسبوع: الثلاثاء ، الأربعاء ، الجمعة ، الأحد. وحسب معطياته تقدم وكالة السفر العراقية جود لاند حزمة سفر لمدة سبعة أيام إلى بيلاروسيا بتكلفة تتراوح من 540 دولارًا إلى 870 دولارًا. يمكن شراء تأشيرة المجموعة مقدمًا مقابل 75 دولارًا ، أو تأشيرة فردية مقابل 300 دولار ، أو يمكنك شراء تأشيرة على الفور في مطار مينسك مقابل 20 دولارًا. كما يصل بعض المهاجرين من تركيا إلى مينسك. وفقًا لوزير خارجية ليتوانيا ، غابرييلوس لاندسبيرجيس ، لهذا السبب ، بدأت ليتوانيا بالفعل مفاوضات مع السلطات التركية ، التي ينبغي على الأقل أن تكون تحت تصرفها قوائم ركاب الرحلات المعنية.