علي حسين
ماذا يقرأ ساستنا وما هي الكتب المفضلة عندهم؟، مَن قرأ منهم علي الوردي أو الرصافي أو وضع هوامشه على تاريخ الوزارات العراقية للحسني؟، أجزم بأنهم عشقوا ميكافيللي من خلال السماع وطبقوا مبادئه المخادعة في السياسة من دون أن يقرأوا كتابه الشهير "الأمير".
يخبرنا مؤلف سيرة الرئيس الفرنسي الراحل ميتران، بأن الرجل كان دائماً ما يستشهد بمقولات لكبار كتاب فرنسا وهو يدير اجتماعات الحكومة وحين سأله أحد الوزراء يوماً: لماذا يردد مقولات قديمة، في زمن وصل فيه الإنسان إلى سطح القمر؟ نظر إليه باسماً وهو يقول: "يفقد الإنسان اتصاله بالمستقبل إذا لم يكن محاطاً برجال مثل روسو وموليير ولم ينصت إلى حكمة فولتير.".. بينما يفقد ساستنا اتصالهم بالواقع يومياً لأنهم مهمومون بالامتيازات والصفقات السياسية، والأهم بالضحك على الناس البسطاء، ولهذا يجدون في السلطة فرصتهم لتصفية الحسابات مع الجميع، فلابد من استخدام كرسي الحكم في هزيمة "الخصم".. فهواة السلطة لا يعرفون شيئاً سوى أن الدولة ومؤسساتها وبيوتها وناسها وأطفالها هي ملك خاص لهم.
يكتب ستيفان زفايغ، أن الاعتبارات السياسية تنتصر دائماً على الأخلاق، ويروي لنا في كتابه المثير "عنف الدكتاتورية" كيف أن مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلف، حين يتولى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الظلام.. حين صدر كتاب زفايغ عام 1936 في قمة صعود النازية، خشي من بطش هتلر فكتب حكاية دارت أحداثها قبل نصف قرن عن المستبد الديني الذي يريد أن يؤسس لدولة "الهواة"، فنجد كيف أن بعض الاحزاب تتحكم بعقول الناس، وتسعى لأن تجعل من الجماهير وقوداً في حروب السلطة، ألم يخبرنا مشعان الجبوري قبل ايام أن الساحات يمكن أن تمتلئ بشيوخ العشائر الذين سيعيدون له كرسي البرلمان الذي سرقه منه " ابو مازن " .
أتمنى أن يقرأ ساستنا كتاب زفايغ ليعرفوا كيف استطاع هذا المؤلف النحيل أن يصور لنا قصة الاستبداد.. حين قرأ الأديب الألماني الكبير توماس مان كتاب ستيفان زفايج لدى صدوره، كتب له الرسالة الآتية: "عزيزي السيد ستيفان، منذ زمن بعيد لم أقرأ كتاباً بمثل الحماسة والانجذاب إلى كتابك، وبمثل الإعجاب بمضمونه وأسلوبه. هو كتاب ممتع ومؤثر للغاية، يجمع عبر مادة تاريخية تدعونا إلى أن نستخلص العبرة: دائما يتكرر الشيء ذاته، فالتاريخ يعيد نفسه، الديكتاتورية هي الديكتاتورية، في كل زمان ومكان، في الأمس كما في اليوم، وكذلك ستكون غداً."العصر الجديد ونحن نشاهد سليم الجبوري يؤلفا كتابا بعنوان " سليم حكاية السيرة والمسيرة " اراد ان يؤرخ فيه لعصره ، وهو لا يعرف ان هناك مؤرخا عراقيا اسمه جواد علي كتب لنا سيرة هذه الامة بامانة ومن دون زيف