الكتاب: فريا ستارك وبحوثهاأعداد: دار نشر تيوريسترجمة: المدى تعتبر فريا ستارك أفضل كاتبة أدب الرحلات وامتازت بالشجاعة والحكمة والذكاء. وستارك (1893 – 1993)، سافرت كثيراً وغطت مناطق في لوريستان، فلسطين، لبنان، إيران، سوريا والعراق. وكانت أول امرأة تسافر إلى حضر موت
وجزءاً من شبه الجزيرة العربية والتي تدعى اليوم، اليمن، وكذلك وادي الحشاشين الأشبه بالخرافي ما بين طهران والبحر الكاسيبي، وسجلت ذلك في كتابي الأول عام 1934. وامرأة تسافر في تلك الأرجاء وحيدة يعتبر حتى اليوم أمراً مريباً، إضافة إلى أوضاع المرأة فيها قبل 70 عاماً. كانت ستارك، كاتبة موهوبة، وامرأة مفيدة للخدمات غير الدبلوماسية. وفي خلال الحرب العالمية الثانية قدّمت خدمات لا تقدر بثمن للمكتب السياسي البريطاني في بغداد والقاهرة. رحلاتها وكتبها (أكثر من 30) كانت مزيجاً من المتعة والرفاهية والأبحاث وسوء الحظ، الوحدة وألفة الصداقات المتينة.وفي وصفها لرحلة على ضفاف بحر ايجة – تركيا، تدرك شأن الكتاب الحقيقيين، إن الحاضر هو تواصل مع الماضي ووحدة المشاهد والتاريخ. أما في رحلتها بين خرائب مهجورة للإغريق والفرس فتكتب،" علاقة مابين الماضي والمستقبل معهم."كانت فريا قد قرأت عن حملات الاسكندر الكبير وجيشه الذي مر بتلك البقاع، معلقة إن فكرته بوحدة آسيا الصغرى قد تبخرت بسرعة.أما أفضل مؤلفاتها عن الرحلات فهو،" شتاء في الجزيرة العربية". وعلى الرغم من وصف الكتاب لرحلتها عام 1937 عبر حضر موت، فأنه قد صدر عام 1971، أي بعد أن اختبرت طويلاً تجربة لا مثيل لها، في الأراضي الأجنبية عنها، وفي حياتها الخاصة. وتستحضر في ذهنها صور الفتيات الصغيرات بسراويلهن الحريرية، وخلاخيلهن ذي الأجراس الفضية، نقر الطبول عند مجيء موكب السلطان ونسوة محجبات الوجوه، يقفن حول فراشها أثناء المرض، يحملن إليها الهدايا وهي عبارة عن حب البطيخ المملح. و" شتاء في الجزيرة العربية"، هو أيضاً من أطرف كتبها. وهو بمثابة تعبير عن مشاعر امرأة تآلفت مع الأحداث التي مرت بها. ولم تعد ستارك بحاجة إلى الكتابة عن الماضي المتواصل: فقد أصبح جزءاً منها ولرؤيتها تجاه العالم. إن أسلوبها يدل على كونها كاتبة طبيعية، دفعتها غريزتها إلى الاستمرار في الكتابة حتى تتلاءم الفكرة مع الكلمات تماماً. وكانت قادرة على التمييز بين المعالم الجغرافية وأيها تختارها للوصف والفكرة العميقة التي تكمن خلف ذلك. وكلما تقدمت سناً، كلما تعمقت في الكتابة، كي يكون أسلوبها وكلماتها تشير إلى معان أساسية. في، "شتاء في الجزيرة العربية"، وهو من أواخر أعمالها، تنتقل من مشهد بعيد إلى آخر قريب في نصف جملة، كما يفعل جيكوف في مسرحياته. والنتيجة فعّالة ومؤثرة جداً. ومن الصعب التفكير في امرأة في غمرة رحلاتها تظهر قواعد فلوبير الثلاث في الكتابة الجيدة: الوضوح، الوضوح وأخيراً الوضوح. وعندما تقرأها اليوم يثير إعجابنا ومقدرتها على الوصف. وقوة أسلوبها، والسيطرة على اللحظات المعبرة عن العواطف الجياشة. وكل تلك العوامل تشرق أمامنا، وستبقى كذلك في العصور القادمة.أصبحت فريا ستارك امرأة شهيرة في الخمسينيات كاتبة ورحالة. وسطح بيرقها في المجتمع الانكليزي، تنتقل من حفل إلى آخر، ثم تطل على العالم بعدئذ من خيمة منعزلة. فهل كانت تلك الحياة المثلى التي يمكن تخيلّها؟ وهي على الرغم من كونها ضئيلة الجسم، غير جذابة، أحبت الأزياء والملابس،"على الرغم من ان فستان جديد أو قبعة لن يدخل شعاعاً من البهجة"، كما قالت يوماً.وفي الحقيقة كانت ستارك ميالة إلى الجنود. ولكنها لم تسعد في الحب، والرحلات ساعدتها على التخلص من أحزانها، ثم لتكتب عن خسائرها على الصفحات. و على المرء أن يقرأ أعمالها اليوم للإطلاع على وجهات النظر تجاه عدد من الموضوعات التي تخص الأديان والحوار بينها. لقد كانت قادرة على رؤية أطراف متعددة في رحلاتها إلى المناطق الإسلامية، ووجدت هناك تشابهاً وليس اختلافاً في الأديان.ان فريا ستارك تعتبر أهم امرأة رحالة في القرن العشرين، على الرغم من ان جيرترودبيل، التي تصغرها بـ25 عاماً، مهمة أيضاً ولكنها الثانية. وستارك تعتبر بيل مبالغة في الأمور، ولم تمكث طويلاً في مكان ما، كي تصل إلى جوهره، وقالت يوماً،" بإمكان المرء أن يسافر حقاً، إن دعا نفسه إلى الانقياد حسبما يريد."rnعن/ التايمز
فريا ستارك.. أشهر امرأة رحالة فـي القرن العشرين
نشر في: 1 يونيو, 2010: 04:58 م