اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > طب وعلوم > منطقة محررة..فـي تعب الكاتب والحاجة لمدرب عضلات

منطقة محررة..فـي تعب الكاتب والحاجة لمدرب عضلات

نشر في: 1 يونيو, 2010: 05:05 م

نجم واليهناك بعض الأيام يجلس فيها أحدنا عند طاولة الكتابة، لا يظل أمامه غير أن يترك لجسده الحرية، يترك كتفيه تتهدلان، في الماضي يبحلق في الورق الأبيض الشفاف الموزع أمامه على الطاولة الذي ينتظر منه أن يمتلئ، اليوم يبحلق في شاشة الكومبيوتر التي تبدو أمامه مثل هاوية بلا قرار، حفرة عميقة، يعرف أنه سيسقط فيها بعد دقائق قليلة،
 والأمر الوحيد الذي  ينقذه هو أن يعاجل نفسه ويضرب على طبلة المفاتيح. لكنه تعب هذا اليوم، يحدق في تلك الهاوية وتستحوذ عليه رغبة في أن يقذف نفسه هناك، في تلك الهوة ليغرق في العمق اللامتناهي، ويستريح إلى زمن غير محدد، ينتظر أحداً، يطرق عليه الباب ويقول له العالم تغير، تستطيع أن تعود إلى نفسك الآن، تستطيع أن تنهض، تجر خطاك إلى المطبخ لكي تصنع لنفسك كوباً من القهوة. لكنها مجرد رغبات، لأن الكاتب يشعر في حقيقة الأمر بالوهن، بالضعف والإرهاق يهجمان عليه، لدرجة أنه لا يجرؤ على الإقدام على فعل شيء: ماذا يفعل؟ هل ينهض بالفعل، ويخرج يستنشق هواء النهر، أم يُسلم نفسه لثقل قدميه اللتين يسحبانه إلى الأرض أكثر. ربما سيظل يجلس ساعات طويلة، يفكر : هل هناك مغزى لكل ما يفعله؟ لكل هذه الكتابة؟ ولمن ولماذا؟ و..و..و..؟ أنه يعرف، إن عليه أن يفعل شيئاً ليس لكي يقول كلمته فقط، إنما لأن عليه أن يعيش أيضاً، أنه لا يعرف مهنة أخرى في حياته، مهنته التي يحبها أكثر من كل المهن في العالم، لكنه رغم ذلك لا يفعل شيئاً، يعرف أن عليه أن يكافح، لكن كيف له أن يفعل ذلك، وهو يشك بقدراته، يشعر بالتعب، يعصر رأسه، ويعرف، عليه أن ينتهي من الموضوع الذي يكتبه اليوم في الوقت المضبوط.أنها أيام تدور على هذه الشاكلة، لدرجة أن المرء يتمنى ساعتها أن يفتح أحدهم عليه الباب، يطل برأسه  ويسأل: ماهو برنامجنا لهذا اليوم، هل تعرف ماذا علينا أن نفعل؟ ثم ليتابع الزائر هذا كلامه، "أعرف ما الذي علينا فعله: أولاً نفعل هذا، وثانياً نفعل ذاك، لا تقلق لقد فكرت بالأمر نيابة عنك، وإن ما أقترحه عليك سيحسن من وضعك بالتأكيد. أنا أستطيع تشخيص نقاط ضعفك، رغم أنك في الحقيقة إنسان رائع، إنسان من الدرجة الأولى، نعم أيها الرجل أنت رجل كبير وقوي، متواضع وضميرك نظيف، لا تتملق أحداً، لا تحب الحديث عن نفسك، تذكر، ليس هناك أحداً يستطيع القضاء عليك".....هل تعرفون من سيكون! سيكون هذا مدربي المتخيل!مرات، أفكر بصوت عال، وأقول لنفسي، أنه من غير المفهوم أبداً، لماذا يملك الرياضيون فقط مدرباً دون الآخرين الذين يمارسون وظائف لا تقل جهداً عن وظائف الرياضيين، لنأخذ الطائفة المهنية التي ننتمي إليها، الكتّاب مثلاًً، ألا يقترب العمل الذي يقومون به في سبيل لقمة الخبز، وفي سبيل إرضاء أصدقائهم قبل أعدائهم، ألا يقترب هذا العمل من القتال اليومي؟ نعم، أسأل مرة أخرى، كيف أننا لا نملك مدرباً، رغم أن أيامنا، يوماً بعد يوم تصبح أكثر تجسيداً لما يُطلق عليه "الحياة"، أم المعارك، أنها أيام حرب غبراء، أكثر ضراوة من كل الحروب لأننا نصارع عدواً، يفوقنا قوة في كل الأحوال، عدواً يتربص بنا عند كل سطر يكتبه أحدهم، صاحب سلطة "ثقافية" يكن لنا العداوة فقط، لأننا نتعب في صياغة كل كلمة نكتبها، نرفض مشاركته في ترويج الركاكة والضغينة والحقد. نحن نعرف، أن العالم مولع في الفترة الأخيرة بكتابة ونشر وقراءة كتب اليوميات. قبل أيام قرأت مذكرات طريفة للملاكم المشهور "جين توناي"، الذي كان بطل العالم في الوزن الثقيل، في سنوات العشرين من القرن الماضي، واستوقفتني كثيراً جملته التالية: "أعرف ناساً، يجلسون في مكاتبهم، نماذج ضعيفة أحياناً، لكنهم يملكون الجرأة أكثر من شخص ضخم الجثة، ينجح بالتوصل للتنافس على لقب بطولة العالم. أنها الشجاعة الفكرية، التي تمكن الإنسان أولاً أن يضع الهدف الذي يسعى إليه عبر كل المصاعب، لكي يسير باتجاهه، حتى ينجح بالوصول إليه".أنه يعنينا بكلامه ذاك، نحن المنكمشون الجالسون عند طاولات الكتابة، الذين نعيش يومنا ونراقبه ببطولة، ساعين في كل الأزمان وفي كل الأوقات العصيبة، عبثاً بالحصول على لقب بالفوز، لقب بطولي، ودون أن يساعدنا مدرب، كما ساعد "جين توناي" وآخرون مثله.لكن صدقوني، الآن أعرف، من أي وقت مضى، بأن كل واحد منا يحتاج إلى مدرب! مدرب مثل ذلك الذي امتلكه الملاكم الأميركي الاسود الذي اصبح مسلماً، محمد علي كلاي. ما زلت أتذكر، وأنا طفل، صورة جولاته الرياضية التي كانت تنقلها محطة التلفزيون الوحيدة عندنا، وخاصة مباراته ضد جو فريزير؛ كان جو فريزير يرقد على الأرض، وكلاي يتلوى ويتراقص حوله، أكثر رشاقة من نجوى فؤاد، ومدربه يصرخ به وهو جالس في زاوية الحلبة، وخالي البحار المتحمس للعبة، والذي كان ينطق الإنكليزية مثل أهلها، يصرخ مترجماً كلامه: "أنك تملكه الآن بين يديك، النصر أيضاً بين يديك. لا تتهاون! امنح نفسك بعض الوقت! فكر، بأنه ما زال يملك القوة الكافية...".أية سلطة يملكها المدرب. وماذا يقول. آه لو كان عندي مدرب مثل مدرب كلاي، يجلس إلى جانبي، عند طاولة الكتابة ويقول: "أجلب الفعل الآن، أسرع، نعم الآن النقطة، أفعال أكثر، أفعال أكثر! عظيم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

"نظارات غوغل الواقعية" قريباً في الأسواق
طب وعلوم

"نظارات غوغل الواقعية" قريباً في الأسواق

 نيويورك/ ا. ف. بأزاحت شركة "غوغل" الأمريكية الستار عن مشروعها الجديد الذي أطلقت عليه رسمياً اسم "Project Glass"، عارضةً للمرة الأولى شريط فيديو عن هذا المشروع عنوانه (يوم واحد (One day- تلقي فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram