علاء المفرجي
لانك تمتهن العمل بالحرف والكلمات، يكون عمرك رهن هذه الحروف والكلمات، فتكون سيرتك اذ ذاك مغزولة بالكلمات وما تعنيه، حتى ذكرياتك تصوغها الحروف، فتستحضرها وفق ما كتبت طيلة اعوام من الكلمات.
المدى وعلى امتداد 19 عاما رهنتنا بكلمات كتبناها نحن، قصص متاعبنا ومتاعب الوطن، فصرنا نتذكر ايامنا بما كتبنا.
خمسة الاف عدد من الجريدة كونتها الكلمات والصور، تفترش سنين قاربت العشرين، يقف خلفها جيلين من البشر، البعض غادرها بعد ان ارتشفوا منها الخبرة والدراية الى الى وجهات مختلفة، واصبحت سطرا في سيرتهم المهنية، لكنه سطر نافع. غادرها وصدى ذكرى أعدادها ما زالت في ذاكرتهم...
فما بالك بمن عاش ال (خمسة آلاف) بكل تفاصيلها بأحداثها، وحيواتها، وكل انتصاراتها وكبواتها ، مرت به وجوه وأسماء ، أحزان وأفراح، لم يفكر ان يغادرها يوما، ذلك أنها رعته ومنحته القدرة على البقاء والمطاولة، لكنه رغم ذلك يجد نفسه يوما ، قد اخطأ، فغادرها مضطرا !!، وبأختبار ان يخلص لها او لايخلص. بالنسبة له لم يكن اختبارا صعبا فمن صاغت حروف المدى وكلماتها حياته لا يستطيع ان يتبرأ منها.
فكر أنه حمل صخرتها كل هذه السنين على متنه، في ان يصل الى القمة، ولكنه يختلف عن (سيزيف)، فلم يترك هذه الصخرة تسقط منه الى الاسفل ليعود بها مرة اخرى في محاولة الصعود، بل ما زال مستمرا بالصعود، وهو يحمل الصخرة ليؤكد نجاحه في الاختبار المستحيل الذي حشر فيه. ويؤكد صعوده الذي لم يكن عبثيا، بل ويتحرر من لعتة سيزيف الأبدية.
صرت اقسّم ال (خمسة الاف) على الأيام التي امضيتها في جريدتي التي احب، فوجدتها لاتقبل القسمة الا على نفسها، لانها رقم صعب سيلحق بارقام اخرى ، صعودا الى القمة.
خمسة الاف عدد من الجريدة هي عمرنا كله، الذي نتذكره نصوصا ومقالات واخبار وقصص مصورة.
خمسة الاف عدد من الجريدة، تذكرني بالعدد ( 4782)، وهو الرقم الدال على تاريخه، والذي خضعت فيها للاختبار في ان اتوقف ولكني ما زلت أعاند بروحي السيزيفية، وأستعين على عنادي بامل مرتجى تعلمته - ويا للمفارقة - من المدى نفسها، من ان (المدى) ب (آلافها) الاخرى القادمة، لن تتخل حتى عن ابن ضال. فآثرت على نفسي أن اشارك الزملاء بالاحتفال بالعدد (5000).
خمسة الاف عدد أضاءت فيها المدى الأفق بكلمات الحقيقة، متبنية هموم الناس، مدافعة عن حقوقهم، بفضا العاملين بها، وبمن أرتقى بها.
خمسة الاف عدد (أتشرف) بأني كنت من المساهمين في أول كلمة كتبت فيها، وكنت على مدى تسعة عشر عاما أترقب نضجها وأباهي الأخرين في ذلك.
هي المدى التي اصبحت جزءا من شخصيتي، واعتباري المهني، وخزين ما تعلمت.
خمسة آلاف عدد ..
ساقف يوما عند رقم ما، لكنه حتما سيكون رقمي الاخير في الحياة ايضا.
جميع التعليقات 1
عبد الحسين رمضان
طول العمر لك وللمدى ولكتاباتك الجميلة!