عمـار سـاطع
يبدو أننا وصلنا الى حدٍّ لا يُمكن السكوت على مثل هكذا واقع مرير تعيشه بعض الوسائل المحسوبة على الإعلام الرياضي، إذ من غير المعقول تَقَبّل مثل هكذا تهريج فاضح ينتقص من القيمة الحقيقية للإعلام الإلكتروني وحتى القنوات الفضائية المتمثّلة بالبرامج الرياضية!
وقبل أن نكشف عن تفاصيل ما يحدث من تخبّط وغياب للرقابة الفعلية عن ذلك (التهريج) فإن المطالبة بإنهاء هذا الملف الشائِك والذي أخذ من الواقع الفعلي ونال منه حيّزاً كثيراً يدعونا جميعاً الى الوقوف أمام هذا المدّ الجارف الذي أخذت رقعته تتّسع عبر نسخ المضمون وتقليد الحالة وتكرار الأسلوب!.
نعم.. وصلت الحالات الى درجة لا يمكن السكوت عليها، إذ بات الإعلام الرياضي بكل أنواعه، يتأثّر ويدفع ضريبة السكوت عن مُخرّبين يعبثون كما يريدون بتاريخ ملؤه المهنية والمسؤولية، إذ أن سمعة القطّاع برمّته، أصبحت تواجه مُعضلة وجود الدُخلاء وغير الكفوئين!
للأسف.. فإن مطالباتنا في مرّات سابقة بإيقاف مثل هكذا أوضاع تضرب سمعة الإعلام الرياضي بالصميم، لم تأتِ من فراغ، بل من تجارب سابقة وحرصاً على سُمعة هذا القطاع الفعّال، الذي كان يكتب من أجل التشخيص والتصحيح، قبل ان يتحوّل في الكثير من الاحيان لشريك في صناعة القرار الرياضي، وحتى جزء مهماً في الأخذ برأيه ووجهة نظره في أمور مهمة ومؤثرة!
اليوم.. أصبحت القضية، قضية رأي عام تتعلّق بوسائل الإعلام المختلفة التلفزيونية والإلكترونية، باستثناء الصحافة الورقية، وباتت تؤرق الكثيرين، إذ من غير المقبول بتاتاً أن تصل الأمور الى تصريحات كاذبة لشخصيات محترمة،أاو تُنقل عنهم بطريقة غير دقيقة من أجل الإثارة أو بما يُعرف بالمصطلح الدارج والمنتشر في يومنا هذا بـ (الطشّة)!
تصوّروا أن يصل الحال الى هكذا مستوى من التراجع والتدنّي، وتخيّلوا أن تهيمن صفحات إلكترونية ومواقع اخبارية وكروبات في تطبيقات التواصل الاجتماعي وبرامج في قنوات فضائية على المشهد الرياضي، تبثّ فيه سمومها من كذب واتهامات وهدفها الترويج والابتزاز، من دون أن يكون هناك رقيب أو حسيب عليها، لا بل تُشجّع وتُدعم من قبل أغلبية المتابعين، إن لم أقل أكثرهم!
أيها الأخوة.. لقد بات المشاهد والمتابع أمام خيار واحد فقط، وهو أن يُجبر على سماع أنواع مختلفة من الكلمات النابية في الكثير من البرامج الرياضية وجُمل من الشتائم والاتهامات والمرادفات المرفوضة مهنياً وأجتماعياً، وحتى تلك المعاني المُسيئة من مصطلحات تُكتب في صفحات ومواقع إلكترونية هدفها هو قتل ما تبقى من أعراف وتقاليد ومعايير يتمسّك بها من هو ملتزم بالمهنية!
لقد بات الفضاء الإعلامي مفتوحاً على مصراعيه ومكشوفاً تماماً، دون أن يكون هناك أي غطاء فعلي وقانوني يُلزم العاملين فيه ببنود ومحدّدات وقانون معيّن أو وثيقة، تحميه وتحمي المهنية، بدلاً من الانجراف الى جهة معينة أو الغوص في البحث عن مناصب ومواقع تُجبرهُ على أن يدافع على أطراف معيّنة أو ومجاميع!
أقول.. لقد ضاعت القيم النبيلة وشوّهت الكلمة وتبدّد الرأي السديد، أمام هكذا واقع يتصدّره من (هبّ ودبّ) كيف لا وكلمتهم مسموعة من المسؤول ورأيهم هو المعروف لكل الجهات المرتبطة بالعمل الرياضي، مثلما أصبح منبرهم هو الأكثر تقييماً والأعلى متابعة!
لقد اصبحت المهنية والمسؤولية وحرية التعبير المحترمة، لا تُذكر إلا في المناسبات، لأن من يهيمن على الساحة هي السلبية التي يبحث عنها الأكثرية في الوسط الرياضي، وأن الامراض الإلكترونية تنتشر بسرعة مثلما أصبحت بعض البرامج في القنوات تتسبّب في أزمات ومشاكل وتقاطعات واختلافات وبحثها عن الفضائح وتشجيعها على المهاترات وإثارتها للمواضيع واسقاطها لورقة الإصلاح والتصحيح!
إن الكشف عن هؤلاء وفضحهم اصبحت مسؤولية الجميع، بل هي ومسؤلية مجتمع بأكملهِ، لأن هناك للأسف من يُشجّع هؤلاء ويدعمهم ويساندهم، وإن قلّة قليلة جداً ترفض علناً ما يحصل ويحدث من تصدر الاصوات النشاز للمشهد وابتعاد المهنيين عن الواجهة الفعلية للمشهد الرياضي!