TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في مأساة عبير ابحث عن الحاشية

العمود الثامن: في مأساة عبير ابحث عن الحاشية

نشر في: 11 أغسطس, 2021: 11:54 م

 علي حسين

وأنا أشاهد فيديو مقتل المهندس عبير سليم، تيقنت أننا نعيش مع وحوش بشرية. الرجل الملتحي الذي ارتدى "دشداشته البيضاء" وكأنه ذاهب إلى نزهة أراد أن يثبت للعالم أن قانون الأحزاب أهم من قوانين الدولة ، وأن قربه من أحد الأحزاب وعمله مع شخصية متنفذة يمنحه صلاحية أن يقتل ويسرق ويستولي على أملاك الدولة، سيقول البعض إن قتل موظف يؤدي واجبه هو نتيجة طبيعية للصمت الخبيث إزاء ما يحدث من عمليات قتل وخطف لمواطنين عراقيين جريمتهم الوحيدة أنهم يحبون هذه البلاد.

الملتحي صاحب قرار إعدام المواطن "عبير سليم"، تصوَّر أنه عندما يجد أمامه مواطناً نزيهاً، فإن هذا الأمر خيانة للديمقراطية العراقية التي يراد لها أن تزدهر بقاذفات العشائر وصواريخ منتصف الليل.

هذا كل ما في القصة، أو هذه هي القصة.. إنها حرب حاشية المتنفذين على مقدرات البلاد.. أو مَن يدّعون أنهم أصحاب الحق في تسليب المواطن، حرب دفع ثمنها آلاف الأبرياء سواء في ساحات الاحتجاج أو في مخيمات التهجير أو على طريقة الكواتم.. حيث كل حزب يرى أن من حقه أن يستبيح المال العام من أجل أن ترفع كلمته.. جماعات تعتقد أن طريق النصر يجب أن يُفرش بارتكاب المزيد من عمليات القتل.. هذه قصتنا.

من أوصلنا إلى مشهد قتل أكثر من 700 متظاهر، ومن قبلها عمليات اغتيال كان فيها الضحايا مواطنون لم تدنس ايديهم بالمال العام ولم يشهروا سلاحا في وجه القانون .

كل ما نراه ونعيش من انهيار لقيم الحياة، هو صناعة سياسية خالصة، فبأيدي ساستنا الأشاوس كتبنا أسوأ صفحات في خراب البلدان. كل مواطن يراد له أن تتكسر روحه تحت حكم المفسدين والمستبدين، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الذعر والفساد.

أصبح القتل سهلاً، وعادياً جداً، ويمكن لأي منتسب إلى أحد الأحزاب النافذة يحمل سلاحاً أن يصدر حكماً بقتل أي مواطن. لأنه يؤمن بأنه يحمل تراخيص رسمية بالقتل.

أياً كانت الجهة التي تقف وراء قاتل المهندس عبير سليم، فإن العقاب يجب أن يكون سريعاً وحاسماً، لأن القاتل أراد أن يقول لكل مواطن إنه في مرمى نيرانه، وإن بإمكانه النيل منه متى شاء، أراد أن يستخفّ بما تردده أجهزة الدولة عن حمايتها الناس والضمانات التي قدمتها لهم، وليثبت بالدليل القاطع أن هناك قوى لديها سلطة ونفوذ أكبر من سلطة القانون والدولة.

لن يكون عبير سليم آخر شهيد يظهر اسمه في أخبار العراق العاجلة ، ولن يكون آخر ضحية للعب على حبال القانون .

ايها السادة يجب ان ندرك جيدا ان الااحزاب التي تحمي حاشيتها ، لا يمكن لها ان تضع العراق في خانة الدول المحترمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram