عباس الغالبيكثيرا ماتعرضنا في مقالاتنا السابقة الى أزمة السكن وجذورها ومسبباتها الرئيسة والمعالجات والمقترحات، التي تخفف من حدتها سعياً للقضاء عليها على المدى الابعد ، ونعود اليوم لنعرج على هذه الازمة المتفاقمة المتزايدة بازدياد الوقت من دون علاجات شافية .
ونقول ان العلاجات التي درجت عليها الحكومات المتعاقبة بعد العام 2003 هي ترقيقية ولاتكاد تلامس الجرح الذي ظل نازفاً حتى اللحظة ، حيث طالعتنا الاخبار بسعي الحكومة المحلية في بغداد لتنفيذ وحدات سكنية واطئة الكلفة لشرائح مجتمعية بعينها ، ولكن السؤال الاهم ، هل هذه الاجراءات تسهم في حل القسط الاكبر من المشكلة التي قلنا عنها انها متزايدة حيث يناسبها الوقت طردياً في ظل ضآلة التخصيصات الاستثمارية وقلتها وعدم كفايتها وغير اتساقها مع حجم الازمة .المشكلة لايمكن معالجتها بهذه الاجراءات الخجولة، التي هي أشبه بذر الرماد في العيون في ظل تجاوز الحاجة الفعلية في العراق لتصل الى ما يقرب من 3500 وحدة سكنية بحسب تقديرات منظمات دولية معتبرة ولها شأنها الاقتصادي الكبير ، فالرقم مهول مقارنة بالتخصيصات الحكومية لقطاع الاسكان الذي يزامن شح الاقراض الاسكاني وانحسار، بل تلاشي دور القطاع الخاص وامكانية الاستثمار في هذا القطاع ، حيث تتجه الرؤى الى اجراءات أكثر جدية وأكثر ملامسة للواقع ، فالامر يحتاج الى مؤسسات تمويلية كبيرة تأخذ على عاتقها الاستثمار الكبير في قطاع الاسكان واتساقاً مع حجم الطلب وبشكل تدريجي تصاعدي على وفق الاولويات التي تمثل الحاجة الملحة ثم الانصراف تباعاً الى الشرائح الاقل أهمية وحاجة ، مع الابقاء على الاشراف والدعم الحكومي الذي يوفر المناخ الخصب لبيئة استثمارية اسكانية قادرة على تلبية الحاجات تباعاً، وهذا الدور الحكومي يتمثل بتسهيل الاجراءات على الشركات والمؤسسات الاستثمارية ومن يقف وراءها كمؤسسات تمويلية مع ضرورة التعامل مع بيئة قانونية غير ضاغطة من جهة على المستثمرين وحافظة للحقوق والمكتسبات الوطنية والاقتصادية من جهة أخرى، فضلاً على الاسراع بتوفير الوحدات السكنية لموظفي الدولة وكلاً بحسب قطاعه ووزارته وعن طريق الاستثمار ايضاً، وبحسب الحاجة والاولويات على ان تؤخذ هذه المشاريع بنظر الاعتبار في الموازنات الاستثمارية لكل وزارة وجهة حكومية وعلى شكل مراحل سعياً للقضاء على هذه الازمة التي لابد من السعي جدياً للتصدي لها وبالسرعة الممكنة .
من الواقع الاقتصادي: أزمـة السـكـن.. مـرة أخـرى!
نشر في: 1 يونيو, 2010: 07:33 م