ثائر صالح
زرت متحف معهد العلوم الموسيقية التابع لأكاديمية العلوم المجرية أثناء زيارتي المجر في تموز الماضي، بهدف الكتابة عنه.
زرت هذا المتحف الذي يقع في منطقة قلعة بودا التاريخية في بناية قديمة جميلة للمرة الأولى قبل أكثر من أربعين سنة، فبان لي على الفور فرق كبير. فقد كانت شبابيك الغرف مغلقة بإحكام لمنع دخول أشعة الشمس هذه المرة حفاظاً على المقتنيات من التأثر بها وتلفها، بينما كان ضوء الشمس يغمر الغرف قبل أربعة عقود. وأشعة الشمس تؤثر على الأدوات الموسيقية المصنوعة من الخشب والمدونات المطبوعة على الورق وغير ذلك من الأشياء المصنوعة من مواد عضوية.
القاعة الأولى مخصصة لعلاقة المجر ببيتهوفن وهو معرض مؤقت بمناسبة السنة اليوبيلية (2020-2021) للذكرى 250 لولادته. زار بيتهوفن المجر عدة مرات بدعوة من النبيل المجري الكونت برونسفيك وقام بتعليم بناته تيريزا ويوزفين العزف على البيانو في قصره في مارتونفاشار القريب من بودابست، وهناك ألف رائعته الشهيرة "الى أليزه". وكانت الشابتان النبيلتان محط اعجاب بيتهوفن فقد وقع في حب الصغرى، يوزفين (1779 – 1821)، دون أن يكون لديه أي أمل بالزواج منها بسبب الفوارق الاجتماعية. ضم المعرض المؤقت الكثير من المواد المتعلقة ببيتهوفن، منها البيانو الذي عزف عليه، بالإضافة الى الكثير من الملصقات التي تشير إلى تقديم أعماله في المدن المجرية في حياته، وكذلك متعلقات أشهر الموسيقيين المجريين الذين قدموا أعماله، مثل عازف البيانو الماهر والمؤلف أرنو (أرنست فون) دوهناني والمايسترو يانوش فرنتشيك.
وهناك أدوات موسيقية نادرة في المعرض منها فورتبيانو من صنع الاسطة الفييناوي الشهير يوهان ياكوب كونيكه (1756 - 1811) الذي تتباهى متاحف العالم بامتلاك أدواته، منها متحف متروبوليتان في نيويورك. صنع هذا الفورتبيانو في 1796، وكان في حالة يرثى لها قبل ترميمه في ورشة معهد العلوم الموسيقية مؤخراً قبل بضعة سنوات. كان موتسارت يعزف على فورتبيانو مشابه من صنع كونيكه. من مميزاته اللون المعكوس للمفاتيح (أي حسب التقليد القديم في التشمبالو، سبعة مفاتيح سوداء وخمسة بيضاء)، كذلك خلوه من الدواسات إذ لم تكن معروفة في ذلك الوقت، لكننا نجد عتلتين تحت لوح المفاتيح يضغط عليها العازف بركبته برفق، وهي التي تطورت لاحقاً الى الدواسات.
ضم المتحف كذلك غرفة عمل المؤلف الموسيقي والمربي والباحث الفولكلوري المجري لاسلو لايتا (1892 – 1962) بضمنها مكتبته الموسيقية والبيانو الذي ألف عليه أعماله وبعض الأثاث. بدأ بتجميع الموسيقى الشعبية مع بارتوك وكوداي وعمل في التدريس وأشرف على المحفوظات الموسيقية في المتاحف المجرية.
نجد كذلك غرفتين تضمان ورشة لتصليح البيانو وأخرى لصناعة الكمان كانت تنتج أفخر الكمانات منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى 2007 بعدها نقلت محتوياتها إلى معهد العلوم الموسيقية سنة 2014. أما العمود الفقري للمتحف فهو مجموعة الأدوات الموسيقية في المعرض الدائم، أقدمها يعود الى القرن الثامن عشر، مثل الهارب والأورغن والكلافيكورد وفيولا دا غامبا وأدوات رباعي وتري (كمانان وفيولا وتشيلو) صنع قسماً منها حرفيون مجريون.