إياد الصالحي
أشدّ ألم يُشعرنا بالحُزن خلال متابعاتنا للاحداث الجارية في جمهورية كرة القدم العراقية، هي الحرب المُستعرة بين قضاة ملاعبها، وقد وصل الحال الى تهديد ثلّة من الحُكّام بعدم قبول إجراء الاختبار السنوي قبل بدء الموسم الجديد، ما لم تتغيّر لجنة الفحص لانعدام الثقة بنتائجها!
كل ذلك يجري، وسط صمت لجنة الحُكّام في الهيئة التطبيعية لاتحاد كرة القدم، التي يعلم مسؤولوها وهم من كبار حاملي الصفّارة والراية في تاريخها، أن أساس نجاح العمل في الحياة هو مبدأ الثقة المتبادلة، في ضوئها يُمكن المضي بالمشاريع والأهداف من دون قلق، أما أن تتم مُحاربة اسماء معينة باستبعادهم عن واجبات ودورات يستحقّونها لأسباب مجهولة مثلما كشفوا لوسائل إعلامية من بينها المدى أو في أحاديث لمُقرّبين ثُقاة، فذلك يمثل أسوأ علاقة بين الحُكّام منذ أن تظاهرَ عدد منهم ضد رئيسهم الراحل طارق أحمد آب عام 2015 احتجاجاً على تأخّر أجور مهامّهم في دوري الكرة الممتاز وعدم الاهتمام بزملائهم الدوليين.
عهدنا الحكم الدولي السابق د.علاء عبدالقادر من الشخصيات الرياضية الكفوءة التي سبق أن عملتْ في وزارة الشباب والرياضة، ومن ثم مُنحتْ الثقة لإدارة أهم مفصل في اللعبة أثناء تشكيل الهيئة التطبيعية ومازالت، كان من أقوى المدافعين عن حقوق الحُكّام، ويقف بصرامة ضد من يُحاربهم في زمن عُزلته ما بعد اعتزاله التحكيم يوم السبت الرابع من أيلول عام 2010 في مباراة نهائي دوري النخبة بين دهوك والطلبة التي أنتهت بهدف للأول وجرت على ملعب الشعب الدولي، منجّزاً إدارة 87 مباراة دولية وأكثر من 750 محلية، فكيف تغيّر الحال وأصبح من مُحاربي الحُكّام - حسب أقوالهم - ومنهم أبناء حُكّام أساتذة له أمثال صبحي أديب وطارق أحمد؟!
فبعد حكاية محمد طارق أحمد، التي أدلى بها الى صحيفة المدى، يوم الأربعاء الثاني عشر من أيار 2021 مفادها تعرّضه الى الغُبن من لجنة الحُكّام في الهيئة التطبيعية، لم يُعانِ منهُ أي حكم سابق مثلما ذكر، وعدم وجود مُبرّر واقعي يحول دون اسناد واجبات التحكيم له طوال عشرة أدوار مستمرّة من الدوري، وعزا ذلك الى تصفية حسابات قديمة مع والده المرحوم رئيس اللجنة السابق، ولم يرد أي توضيح أو بيان حقائق من اللجنة حول حكاية محمد، جاء دور لؤي صبحي أديب ليشكو حرمانه من المشاركة في كورسي (فوتورو) لمقيّمي الحُكّام لشهري آذار وآب 2021 واللتين تؤهّله للعمل في تطويرهم، لاسيما أنه أكمل الكورس الأول برفقة نجاح رحم وأحمد عبدالحسين عام 2019 ويطمح من خلاله الحصول على شهادة اعتماد من الاتحاد الدولي كمقيّم في حال إكماله الكورسين، إلاّ أنه تم تنسيب مدير دائرة التحكيم كاظم عودة بدلاً عنه!
ربما لدى رئيس وأعضاء لجنة الحكام ما يُبرّر لهم تسمية زميلهم عودة كونه يمتلك من الخبرة والشهادات التي تؤكّد اشتراكه خمس مرّات في الكورس ذاته حتى الآن، لكن ماذا عن دورهم تجاه الشباب بعُمر المؤهّلين لتحمّل إرث اللجنة بعد سنين طويلة لن يتواجدوا في مواقعهم وينضموا حتماً الى مجاميع الروّاد المتقاعدين، ألا ينبغي أن يخلوا ذممهم في اللجنة بمنجزات يفتخروا بها بدلاً من مطاردتهم بالتشكّي منهم والاستنكار والتظلّم من معاملتهم أو صمت بعضهم لم يحزم موقفه لتثبيت حقوق أقرانه؟
مع أن حقّ الرد مكفول للجميع، يقيناً ستنجلي وقائع ما جرى في لجنة الحُكّام بعد انتخاب مجلس إدارة اتحاد جديد في الثالث عشر من أيلول المقبل، ويهدأ قُضاة الملاعب من دون تبادل الاتهامات، لوضع نظام عمل عادل يقود مسيرتهم من دون تعرّجات ولا مُحاباة ولا تهديدات ولا تصفية حسابات، هُم عين الحق عند اختلاف فريقين وعمود الاتزان الذي يحافظ على استقرار اللعبة وحِكمة العقل حين يتهوّر متنافسان في لحظة غضب، فمن غير المقبول أن يشكو الحكام من ظُلم أنفسهم مرة أخرى!