اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > حسين جميل وأدب القضاة

حسين جميل وأدب القضاة

نشر في: 2 يونيو, 2010: 04:56 م

خالص عزمي جبهة عريضة انحسر عنها شعر فاحم لتزداد اشراقا وصفاءا ؛ ووجه طوال تحد منه عينان سوداوان فيهما بريق ذكاء حاد ؛ وقامة مديدة يميزها تناسق رياضي رشيق . سرعته في المشي دليل احترام للزمن .
وصوته الجهوري العارف بميزات النطق بالحروف من اسرار استحواذه على مستمعيه؛ لكن علمه وادبه وثقافته الواسعة هي الاسرار الاخرى التي وضعته في مكانة الاعلام البارزين .شخصية متوزانة في سلوكياتها ومبادئها ؛ ما فرط يوما بحق الوطن ؛ ولا تجاوز على قيم امته العربية ووشائجها ؛ بل كان في جميع ادوار حياته صوتا مدويا في المحافل ؛ ينتصر لارادة الجماهير ويقف الى جانبها في السراء والضراء . و قد يتساءل الكثيرون كيف تسنى له ان يكون بهذا الاعتدال الوطني ؛ لا يتزحزح عنه ولا يميل به الشطط ذات اليمين وذات الشمال !!؟ بالرجوع الى تأريخ نشأته ؛ نراه وقد ترعرع في كنف عائلة تعززت باعلى مناصب الافتاء ؛ ومارست شرف القضاء ؛ وعاش في محلة بغدادية شعبية ( قمبر علي ) فأخذ قسطه الوافر من الاختلاط بأبناء الشعب والافادة من عاداتهم وتقاليدهم ونخوتهم وشهامتهم ومروءتهم ؛ فأذن...الافتاء ... منحه الافق الواسع في الموازنة الصائبة في الرأي ؛ والقضاء... منحه بعد النظر والجولان في آفاق النصوص والتمسك بالاصح والاقرب للعدل ؛ ومعايشة البسطاء... زودته بخزين لا ينضب من التمسك بحقوق الانسان والدفاع عن المظلومين من ابناء الطبقات المسحوقة ... كل هذا وذاك استوعبه واستودعه ضميره من خلال موقف وطني اشمل.. يعنى بالمصلحة العليا للبلاد؛وما انخراطه في قيادة التظاهرات الشعبية العارمة لمنع الفريد موند من زيارة العراق والذي ادى الى قرار طرده من دراسته الثانوية بشكل نهائي مع نخبة اخرى من شباب الكليات والمعاهد ؛ كعزيز شريف ووديع فتح الله وادهم مشتاق وعبد القادر اسماعيل وفنان الشعب ـ بعدئذ ـ عزيز علي وغيرهم ببعيدة عن صفحات تاريخ العراق المعاصر ؛ والتي جاءت تفصيلا في مذكراته الرائعة ـ شهادة سياسية ــ .اما التحاقه بحقوق دمشق بعدئذ فقد كان اثره بارزا في تطور رؤيته العربية الشاملة ؛ اذ شرب من منبع النضال العربي الباسل ضد الاحتلال الفرنسي في العشرينيات من القرن الماضي ؛ بعد ان نهل من جهاد شعبه العراقي الذائد عن حرمة الوطن ضد الاحتلال البريطاني في ثورة العشرين المجيدة . اذن هذه وغيرها هي التي صيرت من شخصية حسين جميل قدوة في التوازن ما بين وطنيته وعروبته ؛ مابين حقوق شعبه العراقي المتطلع للحرية والاستقلال وبين آمال ومطامح امته العربية في الانعتاق .لقد ظهرت كل تلك الملامح الصافية ليس من حيث بناء الشخصية الذاتية وحسب بل من خلآل النتاج الثقافي السياسي الذي ابرزه امام الجمهور في الصحافة العراقية يوم اقدم ومجموعة من الوطنيين على اصدار جريدة (الاهالي) حيث رفعت في افتتاحياتها الأولى التي كتبها بامعان وتبصر ذلك الفتى الوطني جملة مباديء عصرية متطورة اساسية منها .... ،الدفاع عن حقوق الوطن في الاستقلال ؛ و الحرية والكرامة والرفاه الاجتماعي والتوجه الاقتصادي المستقل ؛ وبناء صناعة عراقية متطورة وتركيز زراعة تمتد من شمال العراق الى جنوبه على اسس عصرية تؤمن بالاكتفاء الذاتي ثم التصدير بعدئذ .كما ان ذات الملامح ظهرت واضحة ايضا في ممارسته العالية المنضبطة لمهنة المحاماة ؛ حيث برز فيها كاحد فرسانها اللامعين في مختلف القضايا الجزائية والحقوقيةالتي توكل فيها ؛ بل عرفته نقابة المحامين بعد ذلك من النقباء الاجلاء الشامخين لاربع دورات (1953 ــ 1957) حيث نهض بالمهنة ودافع عنها وشارك في مؤتمراتها داخل العراق وخارجه فجعل من نقابة العراق مثالا يحتذى به في الاحترام والتقدير ا ؛ اضافة الى ما قدمه لابناء المهنة من عون واسعاف وتطمين . لقد كان حقا في هذا المجال التربوي نقيبا معلما ؛ شد من ازر المحامين الشباب وفتح عيونهم على كثير من حقائق ووقائع هذه المهنة المقدسة بكل صبر وجلد واريحية وايثار .ومما لا انساه في هذا الصدد ؛ هو يوم زارني النقيب الاستاذ حسين جميل اول مرة عام 1954 في مكتب المحاماة الذي افتتحته في مدخل العاقولية المطل على ساحة الامين(الرصافي حاليا) بعد تسجيلي في نقابة المحامين مباشرة ؛ فقد فوجئت به وهو يدخل علي مهنئا بممارستي العمل ومبديا لي بعض النصائح الثمينة التي افادتني كثيرا في مسيرة حياتي المهنية ؛ ومن لحظتها تأكدت باني كسبت شخصية وطنية ذات مستوى رفيع يمكن الركون اليها والاعتماد عليها في العمل العام ..ولقد علمت؛ في حينه؛ انه زار كل المحامين الشباب الذين فتحوا مكاتب لهم في بغداد ؛ بل طلب من وكلاء النقابة في المدن الاخرى القيام بالمهمة ذاتها تشجيعا ودعما لهؤلاء الفتية الذين فضلوا مهنة المحاماة على غيرها من المناصب التي عرضت عليهم آنذاك . لقد تواصلت لقاءاتي بالاستاذ حسين جميل في مناسبات عدة منها ؛ في بيته العامرالمقابل لجامع الشهيد في السعدون ؛ او في مكتبه قرب القصر الابيض ؛ او في مكتبة المثنى حيث يجمتع عدد من الادباء والشعراء والباحثين والاكاديميين ؛ اسبوعيا ؛ كالدكتور علي الوردي ؛ والدكتور حسين امين ؛والاساتذة مكي السيد جا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram