حوار: هناء العمري ولسنا نريد ان نؤرخ له سيرة شخصية، لكن الواجب يقضي ان نعرفه للقارىء بالرغم من صعوبة تعريف المعرف. أنهى الاستاذ حسين جميل الدراسة في معهد الحقوق بدمشق في سنة 1930، وعمل اكثر من اثنتي عشرة سنة في القضاء، واسهم في تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي
ثم اصبح سكرتيرا عاما للحزب، انتخب نائباً عن مدينة بغداد ثلاث مرات في العهد الملكي، ثم نقيباً للمحامين لاربع دورات، كما انتخب اميناً عاماً لاتحاد المحامين العرب من سنة 1956 حتى سنة 1958 وتولى وزارة العدل عام 1949 . اللقاء الذي اجرته الصحفية هناء العمري قبل اكثر من ربع قرن تعيد ذاكرة عراقية نشره . .عمل في صفوف جبهة الاتحاد الوطني ممثلاً للحزب الوطني الديمقراطي، وكان على اطلاع بالامور والاتصالات السرية بين الجبهة وتنظيم الضباط الاحرار التي مهدت لقيام ثورة 14 تموز 1958.ولذلك قصدناه للمحاورة والمناقشة التي نهدف من ورائها الى تسجيل وتوثيق احداث تلك الحقبة المهمة من تاريخ العراق السياسي المعاصر..* المعروف انك كنت احد العناصر الوطنية التي اتصلت بها حركة الضباط الاحرار قبل 14 تموز فكيف تم الاتصال؟ اشخصياً كان ام لانك حزبي وعضو في جبهة الاتحاد الوطني؟- اذكر شيئاً عن الشخصين اللذين سيرد اسماهما في حديثنا، وهما عبد الكريم قاسم ورشيد مطلك، انهما وانا من سكان محلة واحدة في بغداد هي محلة قنبر علي. وهما جاران في السكن ومتقاربان في العمر وصديقان. ورشيد مطلك كان صديقي نشأت صداقتنا ونحن طالبان في المدرسة الثانوية في بغداد. ثم عين موظفاً في مديرية الكمرك والمكوس في بغداد، واستمرت صداقتنا ولقاءاتنا الى ان توفاه الله قبل سنوات اما عبد الكريم قاسم فقد كنت اعرفه بالاسم وبالوجه، ولكن لم تكن بيننا علاقة ولم اجتمع به قبل 14 تموز سنة 1958.جاءني رشيد مطلك يوماً الى بناية المحاكم المدنية- قرب سوق السراي وقد هجرت الآن- وكان ذلك في اوائل شهر تشرين الاول سنة 1956 – لم ادون في مفكرتي في صفحة اليوم الذي كان فيه اللقاء اشارة الى وقوعه لان مكاتبنا وبيوتنا واوراقنا كانت عرضة للتفتيش، وكان يمكن ان اكتب في صفحة المفكرة ليوم اللقاء اية اشارة تدل عليه، ولكني لم افعل في حينه، ولكني متأكد من ان اللقاء كان في الايام الاولى من شهر تشرين الاول سنة 1956 فقد كانت عطلة المحاكم الصيفية قد انتهت منذ امد قريب. وكانت قناة السويس قد اممت والازمة التي نشأت عن ذلك في عنفوانها (كان تأميمها كما هو معروف في 26 تموز) ولكن العدوان الثلاثي لم يكن قد وقع (إذ بدأ العدوان في 29 تشرين الاول).قد تكون هذه الايضاحات زائدة. ولكني اوردها لمن يهمه معرفة تواريخ الاحداث ولو بصورة تقريبية.جاءني رشيد الى مقر عملي في نقابة المحامين- وكنت يومذاك نقيباً- وقال ان لي معك حديثاً مهماً وسرياً قلت له ان نخرج من الغرفة حتى لايقطع الحديث مراجع او زائر، ونمشي في ساحة المحاكم فلا يستمع الى حديثنا احد حتى ولا الى طرف منه. قال لي ونحن نسير في الساحة، ان الزعيم عبد الكريم قاسم ارسلني اليك وهو يعرفك جيداً ويعرف تاريخك وافكارك وآراءك في الشؤون العامة منذ تأسيس جريدة الاهالي، ثم الحزب الوطني الديمقراطي، وفي معركة الانتخابات النيابية واجتماعاتها، وفي مجلس النواب، وفي نقابة المحامين، ويقول لك انه يرأس تنظيماً من الضباط الاحرار يهدف الى اسقاط النظام الملكي واقامة الجمهورية، والقضاء على الاوضاع السيئة التي يشكو منها الشعب ليقام بدلها ما يحقق امانيه وسيكون من اجراءات التنفيذ وفي بدايته الاطاحة بالملك والامير عبد الاله ولي العهد ونوري السعيد. وهو يريدك ان تتعاون مع هذا التنظيم وقال لي رشيد مطلك ان الزعيم عبد الكريم يقول ان مايهمه ويعنيه في النظام الجديد هو الجيش وتقويته وتوسيعه وتسليحه وتدريبه. لذلك فانه سوف يتولى اموره. اما الحكم فهو يفكر في ان تكون انت رئيساً للوزارة التي تشكل بنجاح الثورة.قلت له قد تستغرب ان اقول لك رأيي في موضوع مهم مثل هذا الان بدلاً من ان اقول اني سأفكر فيه واعلمك ولكننا كحزب ننظر في مسيرة الاحداث، واحتمالات ماقد يقع منها وموقفنا في هذه الحالة او تلك سبق ان بحثنا الموقف الذي نتخذه من «انقلاب عسكري» اذا ما وقع ورأينا هو ان لا نؤيده ولا نؤيد الحكم الذي ينبثق عنه.ذلك لان رأينا هو ان «الانقلاب» يذهب باوضاع هي ضد الحريات والحكم الديمقراطي الذي نؤمن به ونعتبره المفتاح لكل اصلاح. يذهب الانقلاب باوضاع يمكن بالضغط الشعبي والعمل السياسي المستمر ان نطورها الى الاحسن ويأتي بحكم عسكري من الصعب جدا على القوى الشعبية ان تجد مجالات العمل السياسي في ظله وتصحيحه، ولجماعة الاهالي تجربة مرة في هذا الشأن هي تجربتهم في انقلاب بكر صدقي واذا كان هناك تنظيم للضباط الاحرار يهدف الى تغيير النظام فهذا مفيد جداً للحركة الشعبية بحيث لايكون الجيش اداة لقمع الحركة الشعبية الامر الذي يساعد على نجاحها، اما القول بايداع الحكم الى مدني فليس هناك من عسكري يقوم باسقاط نظام حكم ويترك الحكم الجديد الى مدني، واذا فعل ذلك سيكون في الشكل والظاهر ليبقى هو، او مجموعة القائمين بالحركة الحاكمين الحقي
حسين جميل يتحدث عن تنظيم الضباط الأحرار
نشر في: 2 يونيو, 2010: 04:57 م